.

.

إنفراد جريدة " النداء المصرية" تنشر"الحوار الأخير قبل الرحيل المفاجئ" للأديب أحمد الشيخ



    
أحمد الشيخ قاص وروائي كبير، من جيل الستينيات، ولد عام 1939، وحصل على ليسانس الآداب / قسم التاريخ سنة 1967، وهو عضو باتحاد كُتَّاب مصر، وجمعية الأدباء، ونقابة السينمائيين .
    صدرت له عشرات الأعمال في القصة ( دائرة الانحناء – كشف المستور – عرض مجاني للجميع ... )، والرواية ( الناس في كفر عسكر – حكايات المدندش – عاشق تراب الأرض ... )، وغيرها من الأعمال الدرامية، والكتابة للأطفال .
    حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1985، و وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في نفس العام، وفي التسعينيات نال جائزة تيمور الأدبية .
    وأديبنا قيمة وقامة، يحمل هموم الإنسان البسيط، ويرصد علاقته بمجتمعه، فهو شاهد على تحولات طالت واقعنا، وحاولت النَّيْل منه، إنه كاتب يعشق الوطن، ولا يعدم الأمل -رغم التحديات - في حياة أفضل . 


       أحمد الشيخ :
- أحرص على التعبير عن الكامن أكثر من التعبير عن اللحظة المعيشة 
- إن لم يقدم الكاتب جديدًا فلا يحق له أن يكتب
- كنتُ أرغب في تحويل روايتي " حكاية شوق " إلى عملٍ درامي 
- للذائقة العربية دورٌ حضاري وأخشى عليها من الخلافات المجانية
                                                   
  حاوره : محمود قنديل 

* حفلت إبداعاتكم بتناول أحداث لم يمض عليها وقتٌ طويل، ألا ترون في ذلك      تعجُّلًا ؟
- أريد أن أتكلم أولًا عن الموروث والمخزون في الذاكرة والوعي واللاوعي وفي التاريخ وفي واقعنا، كلها أشياء تبدو أحيانًا متشابهة، بعض الأحداث تتشابه في المقدمات وبعضها يتشابه في الهيئات، لكن الحقيقة أني لا أتعجل الأمور بالنسبة للكتابة بل أترك الأمر إلى أن يختمر تمامًا حتى يكشف عن نفسه وحتى أجد نفسي لم أعد أحتمل تخزين هذا المخزون أكثر من ذلك، فأنا من الكُتّاب الذين يحرصون على أن يكون مايكتبونه معبرًا عن الكامن أكثر مما يكون معبرًا عن اللحظة المعيشة .

* استلهامكم للتاريخ في روائعكم الأدبية، ماذا يمثل لكم ؟
- لعل كل كتاباتي تتماس مع التاريخ بشكل واضح مما يمكن أن أجعلني أتهم نفسي - باعتباري دارسًا للتاريخ – باستغلالي دراسة التاريخ في الكتابة الأدبية، بمعنى أنني في كتابات كثيرة تجد العصر الفرعوني مسيطرًا، وهناك عصور أخرى كالمملوكي وغيرها. فالتاريخ بالنسبة لي هو الرصيد وهو المتكأ الذي يلزم أن يتكئ عليه أي شعب طامح لبناء الحضارة والرقي، ومالم يكن له تاريخًا فلن يكون له مستقبل .

* هناك من يقول إن أحمد الشيخ يمثل امتدادًا لكتابات سابقة رأيناها عند محمود تيمور ونجيب محفوظ، فبماذا تردون ؟
- لقد قرأتُ لتيمور ومحفوظ وغيرهما وما قبلهما كثيرًا جدًا، فأنا لا أستطيع أن أقول أني أشبه فلانًا، ليس غرورًا، فقد قلتُ لنفسي منذ بداياتي إن لم تكن كاتبًا جديدًا فلا يحق لك أن تكتب، فأنا أحب أن تكون لي خصوصية وتأمل .
* كتبتم مايسمى بـ " القصقصيدة " ، وهي نصوص من ابتكاركم تمزج بين عبير القصة وعطر القصيدة، لكننا لم نعد نقرأها لكم منذ فترة طويلة، فهل توقفتم عن كتابتها ؟
- سأقول لك شيئًا مؤسفًا ومحزنًا أحيانَا، لقد أعطيتُ لهيئة قصور الثقافة مجموعة من هذه النصوص فلم تنشرها ولم تهتم، وكان أكثر من اهتم بها هو صلاح عيسى عندما كان رئيسًا لتحرير جريدة " القاهرة " التي تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة، فقد أخذ مني عددًا كبيرًا منها، وبدأ ينشره تباعًا، ثم نُشِرَت في صحف ومجلات أخرى، وللأسف لديَّ ثلاثة كتب في " القصقصيدة " لا أجد من ينشرها .

* تناول عـدد كبير من كبار النـقاد مؤلفاتكم بالدراسـة والتحليل، فهل تراهم أنصفوك ؟ 
- أنتمي لجيل الستينيات وكأحد أبناء هذا الجيل كتب عني الكثيرون، منهم : د. سيد حامد النساج ، د. علي الراعي ، د. صلاح فضل وآخرون لا أستطيع إحصاءهم، وعندما أنظر إلى ما كُتِبَ عني أندهش لكثرته وأرى فيه إنصافًا لي ولكتاباتي، على العكس الآن هناك خمول نقدي عام أدى إلى أن تصدر خمسة أو ستة كتب ولا يكتب أحدٌ عنهم، ومع ذلك مازلتُ أرى أن الكتابة عن الأديب لا تأتي له بالمجد .

* هذا يقودنا إلى أن نسأل : عدم مواكبة النقد للإبداع، أهو تقصير من النقاد أم لكثرة المنتج ؟
- الإبداع كثير ويحتاج إلى المزيد من المتابعة والتقييم والتقديم بغض النظر عن العلاقات، أنتَ تسافر مثلًا إلى الصين فتجد " كفر عسكر " مترجمة، فتندهش لأنك لم تسع أو تعرف حرفًا من اللغة الصينية قبل أن تزورها، لكن هناك اهتمام، ولدينا قدرات يهدرها الناقد والمبدع، فنتباكى على الأطلال لأنها تقتحمنا وتجردنا من أبسط حقوقنا .

* قال لي أحد الأصدقاء إن أستاذنا أحمد الشيخ يكتب وعينه على الدراما بمعنى أنكم تكتبون بهدف تحويل أعمالكم إلى أفلام ومسلسلات الأمر الذي يحد من المد الأدبي داخل نصوصكم، نود تعقيبًا ؟
- ليس صحيحًا مايقوله، لأني لو كتبتُ وعيني على الدراما فستكون كتابة " تفصيل "، وأنا لا أحب التفصيل وأحب العمل الخاص جدًا والذي به قدر من الخصوصية ويطرح قضية تكون موضع انشغال الناس، ولا يصح أن أُفَصِّل أعمالي لتصبح دراما فهذه سُبَّة، الكتابة الأدبية تختلف عن القص والتفصيل إنها قدرات من نوع خاص جدًا .

* ما الرواية التي كنتم ترغبون في تحويلها إلى عمل درامي، ولم يتحقق ذلك ؟
- كنتُ أرغب في تحويل " حكاية شوق " والأجزاء الأخرى من سباعية " الناس في كفر عسكر "  و " النبش في الدماغ " على الرغم من أنها مجموعة قصصية إلا أنها تعالج قضية اجتماعية حساسة ، وهي ظاهرة العنف الاجتماعي ( مشاجرات الناس مع بعضها وهم حبايب في نفس الوقت ) مما يدل على أن هناك تآمُرًا لوضع الناس في خلاف دائم، من هنا تصلح مجموعتي القصصية لتكون عملًا دراميًا .

* " الناس في كفر عسكر " من أشهر رواياتكم وقد تحولت إلى مسلسل تليفزيوني نال ذهبية أفضل مسلسل اجتماعي عربي بمهرجان القاهرة العاشر، تُرى هل حافظ المسلسل على أفكاركم الرئيسة في النص الأدبي ؟
- لم يخرج المسلسل عن هذه الأفكار إلا في أشياء بسيطة لضرورات المعالجة الدرامية، فالسينارست بشير الديك كان أمينًا وقد استطاع تضفير الجوهريات التي تجعل العمل وحدة واحدة، وقد أجاد الإخراج نادر جلال .

* صدرت لكم مؤخرًا رواية " حكاية شوق " كطبعة ثالثة، نتطلع إلى معرفة الجديد القادم ؟
- انتهيتُ من كتابة رواية " سنوات اليتم المتواصل " فحكاية اليتم تشغلني كثيرًا، وهناك مشروع رواية آخر لم انتهِ منها، ولم استقر على عنوان لها بعد .

لشيخ- أؤمن بالذائقة العربية ودورها الحضاري وأخشى عليها الخلافات المجانية، فاللعرب خصوصية قادرة على خلق إضافات للرؤية الإنسانية على مستوى الخريطة البشرية كلها وعلى مستوى التاريخ كله، فقد كان لدينا " حكايات الفلاح الفصيح " قبل الإلياذة والأوديسة، وأقول لأصحاب الذائقة العربية اطمئنوا على حالكم وعلينا أن نطالب من لا يعرفون الكتابة أن يكفوا عنها، وأن من يجيدونها لابد من نشر أعمالهم ومناقشتها وترجمتها .






شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق