بقلم. الدكتور خالد محمد عبد الغني
إلى جانب
كونه أكثر علماء النفس العرب وربما في العالم أيضا انتاجا فكريا ، فإنه الأكثر
انتشارا واتساعا في نشر مؤلفاته في البلاد العربية جميها فقد طبعت مؤلفاته في كل
من مصر ولبنان والأردن وغيرها. فحيثما كنت داخل إحدى المدارس الحكومية أو
الخاصة أو كنت في مكتبة أي جامعة في مصر من الشمال إلى الجنوب ، أو زرت أي مكتبة
عامة تابعة لوزارة الثقافة أو تخص أحد الأفراد المهتمين بالعلوم الإنسانية ، أو
كنت في قاعات دار الكتب المصرية العريقة ، أو كنت في مكتبات الدول العربية من
الخليج للمحيط، وتقدمت الخطى وسألت أمين المكتبة هل أجد عند حضرتك كتاب للدكتور
عبدالرحمن العيسوي؟ سيشير إليك وبسرعة فائقة هناك في قسم علم النفس والتربية
والاجتماع والفلسفة ستجد الكثير والكثير من كتبه، وفي إحدى المسلسلات التليفزيونية
تجلس البطلة وفي يدها كتاب عن الطفولة والمراهقة لمؤلفه الدكتور عبدالرحمن
العيسوي، وبالبحث والتقصي تجد أن ما يزيد عن سبعين مرجعا ومؤلفا حمل اسم العلامة
الأستاذ الدكتور عبدالرحمن العيسوي. منذ كتابه الأول "الايدولوجيا
العربية الجديدة ووسائل تحقيقها " الصادر عام 1963، ثم توالت المؤلفات حتى
صدور موسوعتين لأعماله الكاملة بلغت كل واحدة منها 17 مجلدا، وهناك العديد من
الاختبارات النفسية قام بإعدادها وتقنينها منها "اختبار الاعصبة النفسية
الست" ، واختبار الأمان /الخوف ، واختبار أبعاد الشخصية، وغيرها الكثير
والكثير .
وبحسب المفكر الكبير الدكتور يسري عبدالغني فإن هذا العالِمَ أول من كتب عن علم النفس الاسلامى وقد رفض البعض التسمية ولكنه بعلمه وفكره اقنع الكثيرين بما ذهب اليه - رحمه الله- فقد تكلم عن ابن قيم الجوزيه وابن حزم الاندلسى وفرق بين اتجاههما التربوي والنفسي ولم يهمل آراء "مسكويه" النفسية والزرنوجى التربوية.
ومن مؤلفاته السبعين نعرض لنماذج قليلة منها : "مناهج البحث العلمي في الفكر الإسلامي والفكر الحديث" :"لقد كان للمسلمين والعرب حضارة زاهية راقية يوم كانت أوروبا تعيش ظلاماً حالكاً في عصورها الوسطى. وانتقلت الحضارة الإسلامية عبر كثير من المعابر إلى أوروبا، فبنت عليها نهضتها الحضارية الحديثة، واستفادت منها وترجمت أمهات الكتب الإسلامية التي أضاءت الطريق أمام البشرية حتى يومنا هذا. وهذا الكتاب يميط اللثام عن هذه الآثار ليبين قيمتها العلمية في مجال المنهج التجريبي الحديث من خلال استعراضه لتطور الفكر المنهجي وأصول المنهج التجريبي أو المنهج العلمي ومن ثم الفكر المنهجي عند كل من بيكون ومل، وخصائص الفكر المنهجي عند مفكري الإسلام، ومناهج البحث المستخدمة بوجه خاص في مجال البحوث النفسية ثم معالم الطب النفسي ند بعض علماء الإسلام. ويمكن القول أن الكتاب بمجمله يلقي الأضواء على الفكر المنهجي الحديث ويعقد المقارنات بين التراث الإسلامي والتراث العلمي الحديث في قضايا المنهج والمنهجية، ويوضح فضل السبق للتراث الإسلامي، فعلماء المسلمين عرفوا الملاحظة والتجربة والاستقرار والقياس الأصولي.
ومنها أيضا "بين الخرافة والإبداع" _دراسة نفسية- وهو كتاب يعني بإبراز الجوانب النفسية والعقلية والتربوية والاجتماعية في عملية من أخطر العمليات العليا التي اختص بها الإنسان، دون سائر الكائنات، وهي الإبداع والابتكار، وما تتضمنه من الإجادة والإصلاح وتكريس الجهد والطاقة والتفكير وإعمال الفكر، بصورة فيها إخلاص وتفان واستغراق حتى يأتي الفنان بالعمل المبدع. ولقد راعى المؤلف إثناء إعداده لهذا الكتاب سهولة الأسلوب و يسر العبارة ووضوح المعنى ليأتي كتابه في متناول القارئ العادي غير المتخصص في علوم النفس أو التربية. ومع ذلك فالكتاب بعيد عن السطحية، إذ يتناول عملية الإبداع بالشرح والتحليل، واستعرض المراحل التي تمر بها في ذهن المبدع، ويستعرض في ذلك أقوال العلماء ونظرياتهم في تفسير هذه العملية ويقتبس أقوال مشاهير العلماء والمفكرين في كيفية وصولهم إلى قمة الإبداع والابتكار. ولقد عنى، بصورة خاصة، بالجوانب التطبيقية في مجال الإبداع، ليكون للكتاب قيمة عملية نافعة في التدريب على تنمية السمات الإبداعية في الفرد طفلاً كان أم راشداً كبيراً. وفي هذا الصدد أبرز دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع برمته في تنمية السمات الإبداعية وإظهارها في أكبر عدد ممكن من أبناء مجتمعنا الناهض.
وهناك كتاب" العنف الأسري (دراسة نفسية) ويجيء هذا العمل في وقت تطالعنا فيه وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية والقضائية بكثير من الحوادث المفرغة والبشعة التي يحدث فيها اعتداء على ألآباء والأبناء والأزواج والزوجات والأقارب والأطفال. ويزداد انتشار ظاهرة العنف الأسري هذه في البلدان الغربية بصورة أكثر تكراراً واتساعاً عن بلادنا . لكن هذه الظاهرة السلبية لم تكن معروفة في مجتمعنا وتعد من إفرازات الحياة الراهنة وما تتسم به من الصراع الأسري والتفكيك أو التصدع الأسري وضعف الروابط بين أعضاء الأسرة واختفاء أو ضعف قيم المودة والرحمة والشفقة، والمروءة والبر والإحسان والرضا والزهد والأدب والشهامة والرجولة وتحمل المسؤولية والإخاء والمحافظة على صلة الأرحام وصون الكرامة بل والعطف والحب والحنان والاحترام . فلم يكن يتصور أحد أن يعتدي شاب يافع على أمه أو أبيه أو أخ على أخته ويكثر العنف الأسري بين ألزواج والزوجات ولذلك لا بد من التصدي الفعلي لمثل هذه الظاهرة السلبية والتعرف على أسبابها ودوافعها وجذورها في الشخصية أو في التربية أو التنشئة الاجتماعية أو الظروف الثقافية والاجتماعية أو في أجهزة الدعاية والإعلام ولذلك كان هذا العمل ليكون صيحة مدوية في سبيل الانتباه إلى هذا الخطر الداهم ذلك لأنه إذا انهارت الأسرة فقد انهار المجتمع وإذا صلحت الأسرة فقد صلح المجتمع. وفي هذا الإطار يتوقف الكتاب عند بحث عدد من الموضوعات المتعلقة بهذه المسألة فيتحدث عن سيكولوجية الاغتصاب والانحرافات الجنسية، تفسير ظاهرة العدوان، الأبعاد النفسية في السعادة الزوجية، سيكولوجية الطلاق، المسؤولية الجنائية للحدث الجانح، دور الهدى الإسلامي في علاج السلوك الإجرامي.
وكذلك كتاب "علم النفس والإنتاج" وفيه يعرض في أسلوب سهل وعبارة يسيرة، لدور علم النفس الحديث في الإنتاج موضحاً الأساليب التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج، كما وارتفاع مستواه كيفاً، كما يعرض لطرق خفض تكاليف الإنتاج ووسائل اختيار العمال وتدريبهم والروح المعنوية وأثرها على الإنتاج، وتحليل والظروف الفيزيقية المحيطة بالعمل وسيكولوجية الإدارة الناجحة وطرق تجنب حوادث العمل والقدرات والاستعدادات والميول المهنية وطرق قياسها . ويقدم الكتاب كثيراً من المبادئ السيكولوجية التي تفيد المشرفين والرؤساء لا في المجالات الصناعية وحدها ولكن في جميع المجالات، فيفيد منه المعلم والأخصائي الاجتماعي والعمال والمشرفون والمديرون ورجال الأعمال ورجال الإدارة والقادة والمصلحون كما يفيد منه الآباء والأمهات والشباب والطامح في الحصول على وظيفة يحرز فيها أكبر قدر من الرقي والنجاح.
كما نعرض لكتابه "سيكولوجية الإعاقة الجسمية والعقلية مع سبل العلاج والتأهيل" وفيه يقول: " في التربية الخاصة مشكلات كثيرة تواجه الوالدين والأبناء والمعلمين والمؤسسات التربوية والمناهج الدراسية والخدمات العلاجية والتدريبية وطرق تشخيص وتقويم ذويالاحتياجات الخاصة ومؤسسات الترفيه المختلفة وشبكات الدعم الاجتماعي. ولقد تبدلت مواقف المجتمعات من ذوي الاحتياجات الخاصة مع تبدل النظرة الاجتماعية للعجز، فلقد لجأت بعض المجتمعات قديماُ إلى عزل العاجز اجتماعيا وهجره والابتعاد عنه وكأنه شر من شرور الحياة، فتبعا لقوانين (جستنيان) لا يتمكن ذوو الاحتياجات الخاصة من التملك والإرث، كما أن قوانين (لوكورجوس) الروماني و(سولون) الأثني كانت تسمح بالتخلص ممن بهم نقص جسدي، فكانت السلال تباع قديماُ بشكل علني في أسواق (اسبرطة) و(أثينا) ليوضع فيها الأطفال المشوهون خارج حدود البلاد ليموتوا جوعاُ أو لتلتهمهم الحيوانات المفترسة….إلا أنه في الآونة الأخيرة استقطبت وحازت مسائل الإعاقة والوقاية منها اهتمام العالم بأجمعه وبرزت كأحد أهم المسائل الاجتماعية التي تستوجب المواجهة والمعالجة الفعالة. ولا شك أن أبعاد المشكلات التي تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة قد توضحت في أذهان الباحثين والمخططين والمهتمين بمسائل الخدمة وقضايا التنمية الاجتماعية ولذلك لابد من صدور تشريعات قانونية تحدد حقوقهم وواجباتهم. كما عرض المؤلف لأهم المصطلحات الفنية الواردة في الكتاب حيث شرحها وبسطها وأوضح نقاط الخلاف والاتفاق حول تلك المصطلحات مثل التأخر العقلي والضعف العقلي والتأخر التربوي ، والتعويض والتأهيل المهني. وعرض لمفهوم الإعاقة من حيث الأسباب والأعراض ووسائل الوقاية وأثر البيئة والوراثة في تحديد الذكاء الإنساني , ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن التخلف العقلي وتزايد مشكلاته وتصنيفه وطرق رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وأهداف التأهيل المهني والنفسي لهم. وحدثنا عن الذكاء والعوامل المؤثرة فيه موضحا تفسير طبيعة الذكاء ونظرياته والعلاقة بين الذكاء والسلوك والنجاح المهني والفروق بين الجنسين في الذكاء ، وطرق قياس وتقويم الذكاء من خلال اختبارات الذكاء . وتناول التدريب المهني والتوجيه المهني ومجالاته ومبادئه واختيار المهنة على أساس نصائح الآباء والأصدقاء وبيان مدى الخطأ في تلك الطريقة في اختيار المهنة. وفي عرض للإرشاد النفسي في المجال المهني وأثر العوامل الثقافية في شخصية الفرد ، والتكيف المهني ومعايير التكيف في العمل والذكاء وعلاقته بالتكيف، وحدود القدرات العقلية وكيفية التعامل معها. وأساليب التأهيل المهني والنفسي لذوي الاحتياجات الخاصة معتبرا أن الحياة الطبيعية حق لكل الناس وأولهم ذوي الاحتياجات الخاصة والتعريف بجمعية التأهيل المهني والنفسي والاجتماعي وطرق الالتحاق بها والخدمات التي تقدمها".
0 التعليقات:
إرسال تعليق