محمود الأزهري يكتب: "البابا شنودة" نعيم الروح و عذاب السياسة
صاحب
القداسة البابا شنودة الثالث الثالث رئيس الكنيسة المرقسية
من
هو ؟
شاعر
حين يتكلم يتجلى بسمت الشعراء و بلاغتهم و
إحساسهم العالي بالكلمة و الدقة العالية
في اختيارها و الذوق الرفيع في تناغم الجمل وتتابعها واسترسال غير متكلف
ومحبة للخطاب ومحبة للمخاطَب ومحبة ظاهرة في الخطاب لأن المخاطِب نفسه محب وعاشق
دون تصنُّع للحب ولا تكلف للمودة .
صوفي
يسعى للارتقاء بروحه في سماوت عليا و
فضاءات أرحب ومدارات أكبر و هو يحب أن يصعد الناس معه في مراكب المحبة و سفن
النجاة وقطارات التعقل بعيدا عن هوس الحياة وضجيج الأرض وصخب الاختلافات ومتاهات
الخلافات في معظم الأحاديث التي سمعتها له كان تركيزه الدائم والدوؤب على
الروح بعيدا عن حاجات الجسد وترفعا عن
تفاصيل القوانين المادية و الأحكام الشرائعية الدينية دون أن يعنى هذا تنكرا
للقانون أو رفضا للشريعة أو تعاليا على الكتب المقدسة و إنما هو الفهم العميق لكل هذا و المحاولة
لإفهام الناس فلسفة الشرائع كلها وصولا للمحبة أحبوا أعدائكم باركوا مبغضيكم لا
يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع فمن
عفي له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف و أداء إليه بإحسان
قائد
روحي مهيب له سلطة بالروح على شعب الكنيسة دون أن يكون له أمن مركزى أو أمن دولة
أو امن عام أو أمن خاص أو مدرعات أو كتائب فقط له كتب ، فقط له موعظة
، فقط له عمود في جريدة
سياسي حافظ على دماء أبناء الشعب المصري أو
اجتهد للتقليل منها ورغم أن القضية كثيرا
ما تكون واضحة خاصة بالنسبة لمن هم في مثل موقعه إلا أنه يؤثر السلامة حفاظا على
أرواح الناس - كما أعتقد - لا حفاظا على كرسي الكنيسة - كما يظن قليلون - ، سياسي
يطلب منه النظامُ الحاكم دائما شهادة اعتراف وهو أبدا لم يطلب من هذا النظام شهادة
اعتراف أو شهادة بقاء أو شهادة رفض حسب معلوماتي ، سياسي يعطي لقيصر بعض ما له ويعطي كل ما لله لله بحسب اعتقاده ، ورغم ما يعطيه لقيصر فقد تأتي ضحكة خفيفة منه في
حوار تلفزيوني في قنوات الحكومة لتفضح
المشهد كله دون أن يكون النظام الفاسد قادرا على حجب الابتسامة أو حتى إعادة مونتاجها ، سياسي جعلنا نحبه شاعر صوفيا حكيما
محبا عاشقا لمصر كما جعلني أختلف معه أحيانا
عندما يقف صلبا قويا أمام بعض أحكام القضاء رافضا لها في محاولة منه للحصول على رضا الله كما يعتقد و
في محاولة لتهديد هيبة الدولة والتأسيس للدولة الدينية داخل دولة مدنية وهو ما
سيجعل جماعات أخرى تكبر في المجتمع
محاولةً السير في نفس الطريق وصولا لنفس
الهدف وهو البحث عن رضا الله عز وجل ، هو
حكيم و لكن السياسة ماكرة و هو ثابت ولكن
السياسة متقلبة
و هو سياسيا كان يحيرني جدا فكلما اشتدت أزمة
ازدادات آلامه وتجدد طلبه للعلاج وظهرت أمريكا على الخط وتشوش الاتصال
أو التبس الفهم بيننا وبين أبنائه
في الخارج و لكن ساستنا وكبراءنا كلهم يظهرون في أمريكا و المانيا وفرنسا وايطاليا
وروسيا كلما ازدادت آلامهم أو ازدادت آلامنا دون أن نحصل على علاج حقيقي
بل هم الذين يحصلون على العلاج وعلى الفسحة وعلى
مؤتمرات أبناء مصر في الخارج ودعوات أبناء مصر في الداخل أبناء مصر هؤلاء
الذين تحولوا بعد الثورة إلى أبناء مبارك زورا و إلى أبناء المشير كذبا و إلى
آسفين يا ...وهما
البابا
شنودة في كل عام وبمناسبة عيد القيامة كنت أحب أن أستمع له و
يمكن أن أكتب هنا الكثير من المبررات والأسباب هنا ، وكانت تحب أن تسمع له أمى و كان لها مبرر وحيد
: كلامه هادئ و مستريح " والكلام الهادئ لا يصدر إلا من نفس قد شبعت هدوءا –
إنها رحلة الروح - و الكلام المريح لا
يصدر إلا عن ثقافة عالية وفهم عظيم
رحمة
الله على فقيد مصر الكريم قداسة البابا شنودة الثالث و قدس الله روحه
الطاهرة مع الشهداء و القديسين والصالحين المصري النبيل جيد عبد النظير و
ألهم المصريين الصبر والسلوان .
0 التعليقات:
إرسال تعليق