.

.

قراءة في كتاب : "التحليل النفسي للشعر للدكتور خالد عبدالغني " بقلم : د.فايزة حلمي



 إنها المرة الأولى التى أجدنى فيها أحاول أن أرتاد دروبا..ما تصافحت خطواتى قَبْلا بها, ولا حتى تلامست أحرفى بأنحائها, فأجد غربة الطريق ..تسّيّج أفكارى, وتكبل إنطلاقاتى المعهودة منى .. كلما لامست أناملى الأحرف الاكترونية..أو صافح قلمى الأوراق ...حيث أجدنى دوما كالفراشة الوثّابة بين مروج الكلمات والأحرف, أنتقيها كما أشاء , وأجدها طوْع صياغتى, كيفما شئتُ أضافرها .. فتتشكل بمستجدات إبداعية, لها بريقها, بتناغم وإنسيابية تدفّقية.. لها ترانيم سحرية, أعرفها.. وتصاحبنى حيثما تجّلت بأفكارى, فى مناحى الكتابة الأدبية..نثرا أو شعرا. 

وها أنا أقف بأعتاب.... كِتاب .. من أجمل ما أبدع ناقدنا المتميز .. والمحلل النفسى المتمكّن من أدواته, الأستاذ الدكتور/ خالد محمد عبد الغنى,( النقد التحليلى النفسى للشعر... دراسة نظرية وتطبيقية) أحاول أن أطرق أبوابه .. برفق ..وتباعد المتردد, لأنها المرة الأولى التى يمنحنى فيها زميل كبير .... مهمة جليلة , وهى أن أتشرف بتقديم هذا العمل , وأرجو أن أكون قادرة على الوفاء بالمهمة التى مُنِحتها كوسام .. سأفتخر به دوما. وقبل أن يجول نظرى بعناوين الأبواب المغلقة ويدلف منها.. للمحتويات التى يضمّها بين جناحية, هذا الطائر المحلّق عاليا.. بين سماوات الشعر. تصّفحت عيناى عنوان الغلاف, فوجدتنى أسجل تمايزا أوّلياً.. فهذا العنوان جاذب, لأنه يشى بأن الكتاب.. يتضمن ثلاثية تضافرية..تمنح مُتلقيها وجبة معرفية عقلية مكتملة العناصر الغذائية, فهو ليس قاصرا على نقد الشِعر فقط مثل الكثير من الكتب, ولا على تحليل الشِعر فقط مثل الكثير من الكتب التحليلية , وليس نقدأ تحليليا من زواياه ذات المعايير الموضوعية كغيره من الكتب التحليلية العامة, إنما تناول الزاوية الأدق على الإطلاق فى أية متناولات سواء كان الموضوع إنسانيا أو حتى ماديا..إنها الزاوية النفسية, التى تُتيح للمتلقى قطاع تشريحى دقيق ومُفصّل للأشياء المُتناوَلَة. من هنا نقف أمام غلاف مُنبىء بظاهر مكنونه, نقد..وتحليلى..ونفسى, إنها حقا وجبة دسمة, لكنها لا تحتاج لما يهضمها..لأنّها ببساطة عن .......أرق فروع الأدب .. وأكثرها سموا , إنه الشِعر.. الذى نظل ننهل منه بغير رواء, بل هو نفسه هاضم للوجبات الأدبية الأخرى, فعندما تكون هناك بعض من المنظومات الشعرية المناسبة لسياق رواية ما, داخل نسيجها..فإنها تمثل ببساطة مذيبات الدهون, لذا حين يكون هناك نقد تحليلى نفسى للشعر..فما أروع هذا العنوان الذى هو بمثابة... فاتح شهية. ليس هذا فقط.. بل يُدار لنا ميكروسكوب العنوان ليُطلعنا على زوايا أخرى لأنه يَعِدُنا, بأننا لن نحظى فقط بدراسة نظرية جافة , لكن سيتبعها دراسة تطبيقية.. تجعلها نابضة بالحياة, وهذا عنوان يعد المتلقى بالكثير, فالدراسة التطبيقية..تُجسّد المعانى المجرّدة, وتقرّب الفكرة للذهن, حقا لقد بَرَع كاتبنا فى إنتقاء عنوان كتابه , كأن كلمات العنوان أيادى ترحيبية ممتدة, لنظرات العيون المتصفّحة فى عجالة لعناوين الكتب المتراصة, لتجذبها بترحابها لتكون عيون متوقفة ومصافحة على مهل !!! ويااااله من ذكاء فى إختيار العنوان. وهنا نتوقف هنيهة.. لندرك حقيقة واضحة..أن وضوح ذكاء كاتبنا الكبير..فى إختيار العنوان..هو من مفردات نسيجه العقلى , الذى يتضمن غزولا متفرد التنوع حباه الرحمن به..هبة سماوية, أتاحت له سهولة تطويع مُنصهرات تجاربه وخبراته الحياتية, بتدفقية سردية..تنافست مع سرديات نجيب محفوظ العجائبية التى تناولها أ.د/ خالد فى واحد من أهم كتبه, التى تماوجت عزفا بترانيم معرفية تعلو للسماوات حيناً..لتلمس أنجما ما سبقه إليها أحد, أو يُبحر لأعماق المحيطات يلتقط منها أندر اللآلى, وأرانى قد أوضحت لسيادته سابقا هذا فى تعليقى على ما كتبه عن العلّامة أستاذنا الدكتور سيد أحمد عثمان رائد علم النفس الإيجابى..حين أراد من طلّاب عِلْمه أن يتذكّروا أستاذهم الجليل, حتى تتواصل مسيرته للأجيال الجديدة, ولا تنقطع بغيابه المادى عن عالَمنا
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق