.

.

"عزة رشاد" تتحدث عن تجربتها الشخصية في الابداع الروائي والقصصي عبر حوارها مع "النداء المصرية"



"عزة رشاد" تتحدث عن تجربتها الشخصية في الابداع الروائي والقصصي عبر حوارها مع "النداء المصرية"
 
1-       الالتباس بعيوبه وتناقضاته وعقده وكوابحه قد منح عالمي الإبداعي خصوصية ما .
2-       ضروري أن تنأى الجوائز عن أمراض الشللية والمجاملات.
حوار أجراه د.خالد عبدالغني

        الحديث عن الملامح الفنية وتطور العمل الروائي لعزة رشاد أصبح أمرا يجب أن يتجاوزه نقاد الأدب عند تناول أعمالها - رواية "شجرة اللبخ"، ومجموعة "حائط غاندي"، ومجموعة "أحب نورا أكره نورهان" ومجموعة "بنات أحلامي" - . فمنذ روايتها الأولى "ذاكرة التيه" نجدها وقد أثبتت قدرتها الإبداعية التي مالبثت أن تأكدت أكثر بحصولها على جائزة الدولة التشجيعية في القصة القصيرة عن مجموعتها (نقطة ضوء) عام 2010، ومشروعها الإبداعي مليئ بقضايا المرأة وتكوينها الفكري والثقافي وبنائها النفسي والقيمي وكفاحها ضد مجتمع الجهل والأمية ، ومشكلات القرية والمدينة الصغيرة المهمشة وعلاقتها بالذات المبدعة، كما أن عالمها الفني زاخر بقضايا الخيال العلمي والواقعية السحرية أيضا، حول هذا كله كان الحوار التالي :
ممكن نتعرف على ظروف النشأة ومكانها ؟
        أنا مواطنة مصرية، نشأت في مدينة الزقازيق ومن مدرسة الناصرية الابتدائية التي كان ينقلني إليها حنطور "عم علي" مع زملاء فصل أوَّل: من أولى أوَّل، إلى سادسة أوَّل، لنستمع في طابور الصباح إلى كلمة أبلة "عطيات سالم" مديرة المدرسة، إلى مقاعد كلية الطب بجامعة الزقازيق حيث عميد الجراحين أ. د. محمد عبداللطيف. وزملاء يتباعدون ثم يتقاربون في مراحل تعليمية ثم مهنية مختلفة، ولا يمكنني أن أنسى التوق إلى الفكاك من أسر الدراسة "بحلوها ومرها" إلى الإجازات، حيث ينقلني القطار لزيارة عائلة أبي بمدينة فاقوس شرقية أو السوبرجيت لزيارة عائلة أمي بالإسكندرية، من النهر إلى البحر، ثم بعد أن كبرت قليلًا: مرحلة الجامعة، صار التعلق الأكبر بالقاهرة وشعوذاتها الثقافية حيث دور السينما والمسرح ومعارض الكتب ومنتديات الأدب.. إلخ. عوالم وقعت في غرامها فأوقعتني في شرك الكتابة، يمكنني الآن الجزم بكون هذه الهواية التي كانت تستنزفني صحيًا وماديًا، وتجعلني أتقبل ذلك بكل رحابة صدر، بل أوسع لها لكي تفعل أكثر، مازالت بالنسبة لي كالصلاة تمنحني حالة خاصة، متعة لا تضاهيها أية متعة أخرى، ففيها الكثير من اللعِب وعِناد الطفولة ومشاغبة المراهقة، والهزل والهذيان، وكذلك الكثير من معاناة الانسلاخ من الذات بأفكارها ونوازعها وهشاشتها وتعنتها.

كيف تجسدت ملامح الطبيبة في مشروعك الابداعي الراوئي والقصصي؟
       وحقيقة فرغم حرصي على ألا أتدخل في إبداعي بإملاءات تخص الأهمية أو العكس، إلا أنني ضبطت نفسي عدة مرات أتراجع بوعي عن السماح لمهنتي كطبيبة بالتسلل مبكرًا إلى مشروعي الإبداعي، وهذا لأكثر من سبب، الأول أنه ليس سهلًا أن تفعل هذا دون الانجرار لتحويله لزهو أجوف في دراما ضعيفة أو في أحسن الأحوال لن تنجو من الافتعال، والثاني هو أنني لم أحجب المصطلحات والمفاهيم وبعض المعلومات العلمية البسيطة عن نصوصي مادامت في سياق يحتاجها أشد الاحتياج. عبرت عن دوالي الساقين بالثعابين الرفيعة الخضراء في رواية "ذاكرة التيه"، ولم أحذف مادة الفورمالين وموقعها ما بين الموت والحياة في قصة "ترميم الأحلام"، كما لم أتجنب مرضًا بضراوة الألزهايمر أو السرطان "حتى لو لم أذكر اسميهما"  مادامت الكتابة في كل ذلك تتم بشكل غير مباشر وغير متكلف.
المتابع لمشروعك الابداعي يحار في التفاصيل الدقيقة جدا لحياة الريف ولحياة المدينة فأين كانت نشأتك الأولى وما مدى تأثيرها في المشروع الإبداعي؟
       أنا ابنة المدينة الصغيرة التي، منذ فترة طويلة، لم تعد قرية؛ لكنها بنفس الوقت لم تصبح مدينة بالمعنى التحضري الكامل للإنسان ولمظاهر ومرافق الحياة.  تنتمي جذور عائلة أبي وكذلك عائلة أمي إلى الأرياف، بينما تنطلق الفروع إلى القاهرة والاسكندرية، وبالنسبة لي فقد تواصلت مع الجذور والفروع وأظن أن هذا التنوع الجغرافى والثقافي أثرى مخيلتي، لكن تبقى المدينة الصغيرة في فترة نشأتي وحتى وقت ليس بالبعيد: مأزومة بنظري، حالة بين بين،  مشروعها القيمي أو الثقافي شاحب وضاغط بنفس الوقت على أبنائها. لا تجد فيها سوى القليل من نخوة الريف القديمة وتكافله، ولا تجد تحرر وانفتاح المدينة، أي مزاياهما،، بقدر ما تجد فيها عيوبهما: انغلاق الريف وعزلة أبناء المدن. وأظن هذا الالتباس بعيوبه وتناقضاته وعقده وكوابحه قد منح عالمي الإبداعي خصوصية ما.
لحياة الريف بدايات قوية في الرواية المصرية منذ هكيل وطه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف ادريس وعبدالرحمن الشرقاوي.. عزة رشاد تقترب من أي من هؤلاء؟ وهل هناك أوجه شبه بينك ويوسف ادريس باعتباركما من الأطباء؟
       الريف كمكان أثرى عالمنا الروائي وأحييك على اختيارك لهؤلاء العمالقة الحقيقيين، خاصة إذا أضفنا تنوع عوالم المبدعين المذكورين نفسيًا وثقافيًا وأدبيًا "بما لا يجعل الريف سوى أحد روافده" فعندئذ يكون الناتج فيما يعرف برواية الريف: عدد هائل من الرؤى والمتخيلات والإبداع الخلاق، تتقارب لكونها ريفًا مصريًا ذا خصوصية مؤكدة، ثم تتباعد وتتنوع وتتشظى من إبداعية أحدهم لإبداعية الآخر. وكوني أكتب عن الريف، أو كوني طبيبة، إن قارب بين كتابتي وكتاباتهم فهناك أيضا كوني أكتب المرأة بشكل مختلف.
في مشروعك الابداعي الرواية والقصة، فأيهما أقرب إليك

        أعترف لك أنني متصالحة مع الكتابة، أمنحها الفرصة كاملة لتكون ما تريده، وسواء القصة أو الرواية، فكلتاهما ممتعة، ومرهقة أيضًا، وكلتاهما تحظى بنفس التقدير لديّ. لن أكتب قط شيئًا متكلفًا طمعًا في جوائز أو شهرة أو خضوعًا لمقولة "زمن الرواية". وغاية ما أرجوه هو فقط أن يظل النهر جاريًا.
 هل صحيح أن عزة رشاد هي بطلة رواية "ذاكرة التيه" وهي نفسها الراوي في "شجرة اللبخ" ، وهي بطلة عدد من القصص القصيرة في المجموعات القصصية المختلفة؟
          أن أكون بطلة لإحدى رواياتي أو قصص فهذا شرف لا أدعيه، وهو ليس أسلوبي في الكتابة، ولست موهوبة فيه، فغالبًا ما تكتظ مخيلتي بشخوص كثيرة وعوالم واسعة، كلها متخيلة، عدا أن خبراتي الحياتية تساعدني في "وقعنة" المتخيل أي دسِه في تربة واقعية، فتأتي ذكرى "عام الدودة" وضياع محصول القطن، لتُفاقِم من محنة هزيمة 1967 والتهجير القسري لسكان مدن القناة كما تخيلته في رواية "ذاكرة التيه"، أو يأتي مصرف مدينة "بلبيس" القريبة جغرافيًا، مُبررًا ومكملًا لصورة القبح الذي تعجز الأكاذيب عن مداراته والتغطية عليه في الأحداث المتخيلة برواية "شجرة اللبخ".
جائزة الدولة التشجيعية في القصة لها عديد من الذكريات هل يمكن ان تحدثينا عنها واسباب فوزك بالجائزة وماذا اضافت الجائزة لمسيرة عزة رشاد الابداعية؟
           عن كتابي القصصي "نصف ضوء" حصلت على التشجيعية 2010 إلا أن إعلان الفائزين يتم في العام التالي أي منتصف 2011 عام الثورة، ولهذا فذكر الجائزة يأتي مزدحمًا بالكثير من الأحداث المهمة لبلدنا؛ والجوائز في العموم تضع الكتاب تحت الضوء وتمنحه فرصة جيدة للقراءة والتقييم، وتلفت النظر للكاتب وكتبه الأخرى، وهي بالتأكيد تقديرا مشجعًا ومهمًا ومن هنا تأتي أهمية أن تكون لها معايير للقيمة، وأن تنأى عن أمراض الشللية والمجاملات.
هناك يمكن أن نتعرف على بعض ملامح العمل الابداعي القادم ؟

       لدي رواية تبدو لي وقد اقتربت من نهايتها، وأخشى أنها تتلاعب بي، فقد فعلت بي هذا مرارا من قبل، فبدت لي كأنها تقترب من نهايتها ثم لم يحدث هذا حتى الآن. ومن يدري ما يحدث غدا!؟

شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق