.

.

محمد عبد الغني يكتب: "المسلة و الخازوق" في مواجهة الرشوة وفساد الحُكم وتجار الدين











صدرت جريدة "المسلة" لأول مرة يوم 4 مايو 1919، حيث وزعها "بيرم" بنفسه على المقاهي، وفي محطة الإسكندرية، وعلى الطلبة، وموظفي دواوين الحكومة والتجار، فهي تهتم بمشكلات الناس وتقف بجانب القضية المصرية المناهضة للاحتلال، ولهذا أحبها الناس وتحمسوا لصدورها.
كانت صفحات «المسلة» 16، وعلى غلافها صورة لبيرم التونسي، واستطاع أن يتغلب على مشكلة تصريح إدارة المطبوعات بأن كتب على الغلاف بدلًا من العدد الأول الجزء الأول بقلم محمود بيرم التونسي "صاحب قصيدة المجلس البلدي".

 
وطبع من أول أعدادها، خمسة آلاف نسخة، ومن المدهش أن "بيرم" كتب جميع موضوعات وصفحات العدد ، ونشر في غلافها الأخير بيانًا بموضوعات العدد القادم من الجريدة التي من بينها، عريضة زجلية مرفوعة من الشحاذين إلى الأغنياء ينادون بإنشاء ملجأ للحرية، ومقالة عن الرشوة والمرتشين، ونصائح لأمينة التي لاتعرف ما لها وما عليها، وغير ذلك من الموضوعات التي تخص الجماهير.

اتسمت"المسلة"  بالنقد اللاذع، وتمت مصادرة الجريدة بعد أن نشر قصيدة “البامية الملوكي والقرع السلطاني”، والذي هاجم من خلالها زوجة الملك فؤاد الأول، بأن وريث العرش الجديد الملك “فاروق” ولد بعد أربعة شهور فقط من الزواج.

وبعد نجاح العدد الأول من الجريدة، قرر بيرم نقل نشاطه الصحفي من الإسكندرية إلى القاهرة، حتى يكون قريبًا من الأحداث، ويتسنى له المشاركة في أحداث البلاد، وقد تم إصدار العدد الثاني من المسلة في القاهرة، بعد ذهاب سعد زغلول إلى باريس لعرض قضية البلاد، وتفاءل بيرم في أزجال هذا العدد بسفر سعد والوفد المصري إلى فرنسا لدرجة أنه تصور أن هذا السفر سيحقق حتمًا الاستقلال، فكتب في العدد نفسه زجلًا يهنئ فيه مصر بقوله: "يابت نلت استقلالك.. وهل هلالك.. جل جلالك.. رغم العزول".


ولاقى العدد الثاني من المسلة، ثورة من الشيخ محمد بخيت "مفتي الديار المصرية وقتئذ"، الذي أصدر بيانًا يتهم فيه بيرم بالكفر والإلحاد، وقد تولى بيرم وقتها مهاجمة الذين يتاجرون بالدين ويرتكبون الجرائم في حق الوطن تحت ستار التدين.

وبعد توقف الجريدة عاند “بيرم” فأصدر صحيفة جديدة باسم “الخازوق” والذي استمر فيها نقده اللاذع، لكل ماهو فاسد وصولُا إلي رأس الدولة، وبعد صدور عدد واحد فقط منها أغلقت، وتم نفيه إلي تونس، في 25 أغسطس عام 1920، دون أن يُسمح له بوادع أهله، وكان قد بلغ ال “27 عامًا”، ولكنه كان متعلقًا بمصر عاشقًا لها يحلم باليوم الذي يعود فيه إلي وطن اختاره قلبه لا نسبه.

شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق