.

.

د. مصطفى يسرى عبد الغنى يكتب: كبار السن" بين المفهوم والخصائص"


يعد مجال رعاية كبار السن من أهم مجالات الرعاية الاجتماعية ، ويوجد العديد من العوامل والمتغيرات الذاتية والبيئية التي تدفع بالجميع على مستوى الأفراد والجماعات و الهيئات على زيادة الاهتمام بكبار السن ، وذلك على جميع مستويات المجتمعات المتقدمة منها والآخذة في النمو ، وكذلك المجتمعات النامية ، فالجميع عليه الاهتمام المتزايد بأسرع القطاعات السكانية نموًا وتزايدًا في الأعداد وهو قطاع المسنين .
حيث نجد أن نسبة المسنين في تزايد مستمر ، ووفقًا لآخر إحصائيات أصدرتها هيئة الأمم المتحدة 2015 / 2016 ، تقول إن : 600 مليون شخص في العالم تجاوزت أعمارهم الستين سنة ، وأن 226 مليون شخص من هؤلاء في أوربا وأمريكا الشمالية ودول جنوب شرقي أسيا ، وأن 171 مليون شخص في الدول النامية في أسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية ، وأن 17 % من سكان العالم في عداد المسنين ، و تتوقع المصادر الإحصائية أن نسبة المسنين في العالم عام 2050 سوف تتجاوز الـ 25 % من إجمالي عدد سكان العالم .
وتقول الإحصائيات أيضًا أن 10 % من سكان مصر في عداد المسنين ، وأن النسبة المتوقعة لعدد المسنين في مصر عام 2050 سوف تتجاوز 25 % .
وهذا التزايد في قطاع كبار السن يرجع إلى العديد من العوامل التي يأتي في مقدمتها التقدم الهائل الذي لحق بالعلوم الطبية ، وانعكس بالتبعية على صحة الإنسان ، أضف إلى ذلك أن الخدمات الصحية التي تقدم إلى السكان وتوعيتهم عبر وسائل الإعلام بجميع أنواعها ، وتعديل الاتجاهات نحو تنظيم الأسرة ، كل ذلك من الأمور المهمة التي أدت إلى زيادة عدد كبار السن على مستوى جميع المجتمعات .
من ناحية أخرى نجد أن التغيرات المجتمعية التي لحقت بجميع المجتمعات ، قد أدت إلى تقلص شكل الأسرة الممتدة ، وزيادة أشكال الأسرة النووية ، الأمر الذي باعد بين الأبناء والآباء ، وبالتالي تقلص الرعاية الأسرية للوالدين كما كان متبعًا فيما سبق ، كل ذلك يزيد من أهمية الرعاية الاجتماعية الواجبة لكبار السن .
متغير آخر يجب أن نضعه في الحسبان ، هذا المتغير يدفعنا دفعًا إلى زيادة الاهتمام المجتمعي بكبار السن ، والذي يتمثل في تعدد احتياجات الإنسان عامة في وقتنا الراهن ، ومنهم بالطبع كبار السن ، الذين يعيشون معنا في ظل مجتمع معاصر تحيط به متغيرات متعددة تزيل من احتياجات كبار السن ، فالتحديث والتطور التكنولوجي يجعل كبار السن في مجتمعاتنا ليسوا في حاجة إلى الطعام والشراب والمسكن والعلاج فقط ، بقدر ما هم في حاجة إلى الترفيه والترويح عن النفس ، أضف إلى ذلك العمل على توجيههم وإرشادهم وتثقيفهم وتوعيتهم بشكل دائم ومستمر ، وذلك من أجل الوقوف على جوانب الحياة المعاصرة بكل مستجداتها ، دون أن ننسى بالطبع أن نشعرهم بالعطف والحب والحنان والرعاية وبدورهم وأهميتهم داخل منظومة الأسرة بوجه خاص ، والحياة بوجه عام .
كل تلك العوامل وغيرها دفعت العالم كله إلى زيادة الاهتمام المجتمعي بكبار السن ، وقد تمثل ذلك على المستوى الدولي بزيادة اهتمام هيئة الأمم المتحدة عامة ، ومنظمة الصحة الدولية خاصة ، عن طريق عقد المؤتمرات والمنتديات والملتقيات الخاصة بكبار السن ، وأيضًا الدراسات والأبحاث التي تهتم بمشكلاتهم وحياتهم بوجه عام ، ونذكر أن الأمم المتحدة خصصت عام 1999 السابق من القرن الماضي كعام للمسنين أو كبار السن ، كما جعلت الأول من أكتوبر من كل عام كيوم دولي للمسنين .
وإذا كان هذا هو الحال بالاهتمام من قبل الهيئات الدولية ، فالوضع أكثر اهتمامًا من قبل مهن المساعدة الإنسانية ، فنجد أن مهنة الطب قد خصصت فرعًا من فروعها يعرف بطب المسنين أو رعايتهم صحيًا ، وقد شهد هذا المجال الجديد تطورًا كبيرًا ، نلمحه عبر ما نتابعه من مؤتمرات وأبحاث ودراسات ، وكذلك لدينا الآن مجال آخر هو التمريض للمسنين ، وعلم التغذية للمسنين ، وأيضًا علم نفس الكبار أو المسنين ، كما أولت التربية الرياضية اهتمامًا كبيرًا بكبار السن .
وفي واقع الأمر فإن الخدمة الاجتماعية لم تكن في جميع الأحوال والعصور بعيدة بشكل أو بآخر عن هذا القطاع السكاني المهم ، فقد دخلت الخدمة الاجتماعية مجال رعاية كبار السن ، وأصبح الأخصائي الاجتماعي ضمن فريق العمل بمؤسسات رعاية كبار السن
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق