شرفتني الأكاديمية والباحثة التراثية والمبدعة المغربية الأستاذة الدكتورة / ثريا لهي (أول سيدة تحصل على درجة الدكتوراة في التراث الأندلسي من جامعة الرباط المغربية ) ، شرفتني بأن أهدتني مجموعة من مؤلفاتها القيمة ، منها : كتابها (أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي .. حياته وآثاره ) ذلك العالم الأندلسي الشهيد (565 هـ ـ 634 هـ ) ، صاحب المشاركات الواسعة في العلوم والمعارف والذي هو بمثابة موسوعة علمية متحركة ، يضاف إلى ذلك أنه قدوة حسنة للعديد من العلماء في علمه وعمله وسلوكه وأخلاقه ، وهذا الكتاب أصدرته وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمغرب بأمر من الملك / الحسن الثاني (رحمه الله) ، كتاب يستحق القراءة والتأمل لأنه جهد متميز لباحثة جادة ..
كما أهدتني كتابها المحقق (جهد النصيح وحظ المنيح من مساجلة المعري في خطبة الفصيح ) للعلامة / الكلاعي أيضًا ، وفيه تكشف عن جانب من جوانب النشاط العلمي في الأندلس وهو اهتمام الأندلسيين بكتاب (الفصيح) لثعلب ، والذي كان يدرس في الأندلس ، ونشطت حوله حركة تأليف واسعة ، عبر العصور التاريخية لهذه المنطقة من العالم الإسلامي ، تمخضت عن ألوان من الإنتاجات الأدبية ، اتخذت أشكالاً ثلاثة : الشرح والنظم والتأليف .
وتعتبر رسالة (جهد النصيح) نموذجًا بلاغيًا عاليًا من نماذج النثر الفني الأندلسي في القرن الهجري السابع ، وهو نثر يعتمد على السجع دون الإغراق فيه ، وعلى المحسنات البديعية والبيانية دون الإغراب فيها ، ويبتعد عن الأساليب التي أغرقت النثر في كثير من الصنعة ، والتي عرفها هذا القرن على يد من المترسلين أمثال ابن الأبار وأبي المطرف بن عميرة ، وابن الجنان وغيرهم ..
هذا التحقيق يعد نموذجًا حقيقيًا يلتزم بأصول البحث العلمي وقواعد التحقيق التراثي ، ومن الأهمية بمكان اطلاع أهل البحث عليه ، والاستفادة منه ..
وعن ابن حزم الأندلسي الفقيه المستنير بمنهجه ومعارفه أهدتني دراستها (أبو محمد علي ابن حزم الظاهري ـ جوانب ذاتية من شعره ) دراسة رائعة تكشف لنا عن شاعرية هذا الرجل الذي كان بحق مثالاً للعلم والمعرفة والإبداع .
وفي مجال تحقيق التراث المغربي الأندلسي ، أهدتني دراستها وتحقيقها لرسالة (نكتة الأمثال ونفتة السحر الحلال ـ للكلاعي) ، حيث تناولت سبب تسمية الرسالة ، ومصادر المؤلف ومنهجه ، رسالة جادة تكشف عن أمور عديدة في تاريخ التراث الأندلسي يجب أن نتنبه إليها ، وكان جهد الباحثة في هذه الرسالة واضحًا جادًا متميزًا .
وعن الحضارة الإسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح ، أهدتني دراستها الرائعة المهمة في أيامنا هذه والتي عنوانها (التسامح الديني والعلاقات الإنسانية من خلال استقراء النصوص الأدبية : شعرية ونثرية) ، وأعتقد أن هذه الدراسة جديدة في بابها ، وجاءت في وقتها المناسب ..
وأهدتني الدكتورة ثريا كتابين هما (من شرفة لارفييرا : ولادة وابن زيدون .. الحقيقة والسراب) و (من شرفة لارفييرا : ابن تاشفين وابن عباد ... الحقيقة والسراب / الجزء الثاني ) ، وهو مزج جاد ومتميز بين سيرتها الذاتية والتاريخ الأندلسي الأدبي بالذات ، لكاتبة تمتلك أدواتها العلمية والأدبية ، دافعت عن هذا التاريخ المجيد ، وصححت العديد من المفاهيم والرؤى التي كان يرددها البعض دون وعي أو فهم عن الأدب الأندلسي وأعلامه ...
وكذلك أهدتني روايتها (محطات في حياة امرأة ـ في جزئين) وهو مشروع روائي مهم ، أضافت فيه الكثير إلى فن مزج السيرة الذاتية بالسرد الروائي ...
تحية للباحثة والمبدعة الدكتورة / ثريا لهي ، آملاً في الكتابة التفصيلية عن أعمالها الرائعة ، وذلك بالطبع إذا كان في العمر بقية ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق