.

.

د.خالد محمد عبدالغني يكتب: التحليل النفسي لتمزيق الجسد في تفجير الكنيسة البطرسية




إن ذلك الحادث الإرهابي الذي أودي بحياة 25 من الرجال والنساء والأطفال وإصابة ما يزيد عن الخمسين عندما فجر أحد الإرهابيين نفسه داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية يوم الأحد الماضي – 11/12/2016 ذكرى المولد النبوي الشريف -  بهدف  تمزق أجساد الضحايا مدمر من حيث التأثير السلبي على الاقتصاد والسياحة والتجارة والسياسة وسيطرة الخوف والفزع على المواطنين ولا نبالغ إذا اعتبرنا الإرهاب واحداً من التحديات الكبرى التي تواجه العالم المعاصر لسنوات طويلة قادمة، وأصبح قضية عالمية لا يخلو أي مجتمع من وجودها، والأطفال بوجه خاص هم ضحيته الرئيسية، ومن ثم فقد اهتمت كافة وسائل الإعلام من الصحف والكتب وبرامج الإذاعة والتليفزيون والأفلام السينمائية ومسلسلات الدراما والمسرح بتناولها بالدراسة والتحليل والتقويم . وكشف ذلك الاهتمام بدراسة هذه الظاهرة أن من أهم أسباب الإرهاب  البطالة، والجهل بالدين. وغياب الديمقراطية والإحباط النفسي والعنوسة. وكذلك وجود قوى خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار والإخلال بالأمن.

      
 ويبدو أن الإرهاب يستخدم لخلق حالة من الذعر، وإشاعة جو من الفزع والإحساس بعدم الأمن وغياب الاستقرار مما يؤدي إلى ضعف ثقة المواطنين في حكوماتهم، والإرهاب كنوع من الدعاية يستخدمه الإرهابيون للإعلان عن حركات معينة، ولجذب مزيد من الأتباع، والحصول على تعاطف الآخرين، ومؤشر على احتمالات قيام الثورة. فمما لا شك فيه أن رسالة الإرهابيين المتسمة بالعنف والحدة تجعل الآخرين يستمعون إليها، الأمر الذي يتيح لهم التعبير عن أهدافهم وطموحاتهم بسهولة من خلال وسائل الإعلام الدولية. وعلى النقيض من ذلك، فإن أهداف وطموحات الحكومات الوطنية أحياناً ما تكون مشوشة ومتصارعة ومن الصعب تلخيصها في رسالة واضحة.  ومن الصعب إعطاء الإرهاب أي منطق أو صبغة أخلاقية مهما كانت أهداف الجماعات أو الدول الممارسة له.

وفي أحدث معالجات العدوانية في التحليل النفسي هي ما يسمى الإنسان ضد نفسه بحسب المحلل النفسي الفرنسي جاك لاكان حيث يكون العدوان وتمزيق الجسد قادر فى شرح الصفة الواضحة والغامضة للتجربة البشرية المتعلقة بفكرة البعد الجسدى والتمزيق. وهذه ظاهرة جاء ذكرها فى "جمهورية أفلاطون حيث أنه أثناء مرور أحد سكان المدينة بمكان تنفيذ حكم الإعدام علناً " يقال إنه لم يستطع منع نفسه من التفرس فى أجسام الموتى هناك. "بعيون واسعة محملقة اندفع نحو المثبت صارخاً" أيها التعساء هناك تعالوا و املأوا أنظاركم بهذا المنظر الجميل" وقد لاحظ أوجستن أيضاً الجاذبية الخاصة لمشهد الجسد الممزق. وهو يسأل ما وجه الامتاع الذى يمكن ان يكون فى مرآى الجثث الممزقة؟،  فالناس تتجمهر وتلتف لرؤية جسد يفترش الارض ذلك ببساطة من أجل أحساسات الحزن والرعب التى يبعثها فيهم مرآى هذا الجسد والقوة الجاذبة لمخاوف الجسد هذه المذكورة فى تلك النصوص القديمة لها وجودها القوى فى الحياة اليومية الحديثة فسائقوا السيارات يلوون أعناقهم عند مرورهم بحادثة فى الطريق ما الذى يأملون فى رؤيته فى قلب هذا المشهد الباعث على الخوف ؟ كما أن مقالة لاكان عن "العدوانية فى التحليل النفسي" توضح أن الميل نحو صور التمزيق الجسدى متأصلة فى توترات داخل الأصل الخيالى للأنا وتمثل التعبير البدائى المناهضة الذات ضد قيود هويتها الخيالية ومن المفهوم جيداً، أن تصور لاكان عن العدوانية يستعيد النفس المركزية لتصور فرويد وهى أن العدوانية تمثل وظيفة التدمير البدائى للذات. ويتضح عند الصفحات الأولى لمقالة لاكان "العدوانية فى التحليل النفسي" أن مضمونها هو إلقاء بعض الضوء على المغزى الغامض الذى عبر عنه فرويد بمصطلحات غريزة الموت، أما بالنسبة للاكان فالعدوانية مرتبطة بالموت.
 
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق