أ.د حماده حسني استاذ التاريخ الحديث والمعاصر |
وكعادته لم يطق التابعى صبرا فى المصرى فباع لمحمود نصيبه ليصرفه التابعى فى رحلاته التى يقيم فيها فى أفخر الفنادق، ووقع اختيار الملك فاروق على كريم ثابت ليكون مستشاره الصحفى فباع هو الآخرنصيبه فى المصرى. وبذلك انفرد محمود بالمصرى فى الوقت الذى بدأت تنمو لديه- خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية- موهبة رجال الأعمال والحصول على عدد من التوكيلات مثل توكيل شركة كوكاكولا وتوكيل سيارات الفولكس ومرسيدس وغيرها من التوكيلات مما جعله على رأس أصحاب الملايين الناجحين رغم أنه كان صحفيا لامعا إلا أنه لم يخلط أبدا بين عمله الخاص ودوره الصحفى.
وقد نجح محمود فى جر رجل أحمد ليعمل فى المصرى سكرتيرا يراقب ويلاحظ ويتعلم من الدكتور محمد مندور الذى كان يتولى مهام رئيس التحرير. وبعد ثلاث سنوات من التدريب وعقب وفاة الدكتور محمد مندور، خلفه أحمد أبوالفتح لتشهد الصحيفة عصرا جديدا من التطوير قفز بتوزيعها إلى أن أصبحت الصحيفة الأولى. فرغم أن الصحيفة كانت تمثل حزب الوفد إلا أنه قرر ألا يؤيد الوفد إذا اعتدى على الحريات فقد كان دفاعه عن الحرية منهجه إلى آخر يوم فى عمره.
لقد كانت جريدة( المصري) بكل المقاييس هي التي مهدت لثورة يوليو.. خاصة خلال انتخابات نادي ضباط الجيش وانجاح محمد نجيب أمام حسين سري عامر رجل القصر.. ثم كانت الضربة الكبري حينما أنقذ أحمد أبو الفتح رقاب كل الضباط الأحرار ليلة23 يوليو حينما أخطر شقيق زوجة ثروت عكاشة بأن نجيب الهلالي يؤلف الوزارة حاليا ووزير الحربية حسين سري عامر الذي يعرف الضباط الأحرار جيدا وأولي مهامه هي تصفية هذه الحركة التي بدأت في الجيش...مما جعل عبدالناصر يغير موعد الحركة من ٥ أغسطس كما كان مقررا إلى مساء ٢٢ يوليو، ولولا ذلك لتمكن فاروق من القبض على جميع ضباط يوليو قبل أن ينفذوا خطتهم وبالطبع كان سيحاكمهم ويعدمهم.
وفى السنة الأولى للثورة كان كثيرا ما يخرج عبدالناصر من مجلس الوزراء ليذهب إلى صحيفة المصرى القريبة من المجلس (كان مكانها مكان دار التعاون اليوم) ويمضى الليلة مع أبوالفتح ومحررى المصرى فى حديقة الجريدة. ورغم ذلك عندما ظهر لأحمد أبوالفتح أن عبدالناصر اختار طريقا بعيدا عن الحرية والديمقراطية كتب مقالا ت كان فصل علاقته مع عبدالناصر وكانت بعنوان (لك الله يا مصر )
وأحمد أبوالفتح، متزوج من السيدة ثريا عكاشة بارك الله فيها ومتعها بالصحة هى شقيقة ثروت عكاشة. احد الضباط الاحرار وصديق عبد الناصر ووزير الثقافة كما تولي رئاسة البنك الاهلي وشقيقة الدكتور أحمد عكاشة إخصائى الأمراض النفسية الشهير و أحمد أبوالفتح لم يصدر عليه حكم بالسجن بل كان الحكم على شقيقيه محمود وحسين أبوالفتح. ففى سنة ١٩٥٥ تم محاكمة الأخوين محمود وحسين أبوالفتح أمام محكمة الثورة وتولى الدفاع عنهما الأستاذ وحيد رأفت وقد صدر الحكم غيابيا على محمود الذى كان خارج مصر بالسجن عشر سنوات، وعلى حسين الذى كان فى مصر بالسجن ١٥ سنة مع إيقاف التنفيذ.
و كان المقرر ضم أحمد أبوالفتح إلى أخويه محمود وحسين فى هذه القضية ولكن جمال عبدالناصر تقديرا لدور أحمد أبوالفتح فى إنقاذ الثورة استبعد أحمد من المحاكمة
وأغلقت المصرى أبوابها، وسافر أحمد أبوالفتح إلى الخارج، هو وزوجتة السدة ثريا عكاشة ..وفى خارج مصر تزعم أحمد أبوالفتح مهاجمة عبدالناصر، فحكم عليه عام 1963 بالسجن 15 سنة من محكمة للثورة حاكمته غيابيا، وأضافت إلى ذلك تجريده من الجنسية المصرية. وظل خارج مصر لم يعد إليها إلا بعد وفاة عبدالناصر وبدعوة من أنور السادات. وفى عام ٧٤ بعد عشرين سنة أمضاها أحمد خارج مصر عاد يواصل معركة القلم دفاعا عن الحرية ..عمل أبوالفتح فى صحف الأهرام وأخبار اليوم وحين سمح السادات بعودة حزب الوفد خصص فؤاد سراج الدين رئيس الحزب عمودا لأحمد أبوالفتح موقعا باسمه تكريما منه لصديقه الذى تناول فيه قضايا المجتمع ونقد للحكومة دون تجريح أو تطاول..عرف أحمد أبوالفتح بمثالياته الأخلاقية وهدوئه فى التعامل مع أصدقائه وزملائه ولم يتدنى أبدا فى لغة حواره، مهما مرت به الأزمات إلى أن توفى نتيجة لأمراض الشيخوخة فى 21 مارس 2004. عن 87عاما رحم الله فارسا من الزمن الجميل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق