الإعلامي محمد عامر |
النسوية الإسلامية
بقلم: محمد عامر
بدأ استخدام مصطلح (النسوية) في الكتابات العربية في التسعينيات من القرن العشرين، بينما كان عنوان كتاب "ملك حفني ناصف" سنة 1910م هو "نسائيات"، وعالجت فيه قضايا "تحرير المرأة". والآن يشيع مصطلح "الجندر" أي الجنوسة التي تهتم بوضع النساء في المجتمع وفي السلطة والقرار، وإذا كانت حركة تحرير المرأة قد هيمنت عليها قضايا أضحت تقليدية، مثل الحجاب، وتعدد الزوجات، والعمل خارج المنزل، والإسهام في النشاط العام؛ فإن هدف النسوية هو "صياغة المعرفة بين التأنيث والتذكير.
ولا يمكن فهم هذا المصطلح دون فهم السياق العام لوضع المرأة في العالم العربي والإسلامي الذي يختلف من دولة لأخرى، ولا أحد ينكر التطور الكبير الذي طرأ على وضع المرأة في العالم الإسلامي بشكل عام خلال الأعوام الأربعين الأخيرة، يدل على ذلك زيادة نسبة تمدرس الفتيات، وانخفاض معدلات الإنجاب، وهو ما مكن المرأة من الالتحاق بسوق العمل في الكثير من الدول المسلمة.
ماذا نقصد بالنسوي؟ وهل النسوى هو المضاد للأبوي؟ ...، وإذا كان هناك كتابة نسوية فهل هناك كتابة ذكورية؟ ...، ولأن النسوية هي توجه فكري لا علاقة له بالبيولوجي، أي بالجنس (ذكر أم أنثى)، فإن الأمر لا يعني أن كل نص صادر عن امرأة هو بالضروري نص نسوي.
لقد عانت المرأة المسلمة فترة عصور الانحطاط في ظل الاستعمار الأوروبي، وما فرضته تلك الوضعية من تجهيل وكبت لدور المرأة بحجة المحافظة على القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد، وهذه الأخيرة التي ربما كانت أحد الأسباب الرئيسية في تخلف المرأة المسلمة، وتهميشها، وكذلك الخوف الذي أصاب المجتمع المسلم من احتكاك المرأة بالمجتمع الغربي الدخيل وتأثيره عليها، وتظهر صورة المرأة العربية مبهمة ومشتتة في أغلب الأحيان، فالنظرة التقليدية للمرأة في جسدها وأنوثتها هي قدرها والتي تحدد مصيرها.
كما أن العلاقة بين الجنسين في المجتمع المسلم، تقوم على مجموعة من الركائز منها المكانة الدونية للمرأة ضمن المفاهيم السطحية للمجتمع، وجهل كل من الجنسين للآخر نتيجة سلسلة طويلة من المفاهيم الاجتماعية المتعلقة بالمحرمات وتبعية المرأة، واعتمادها اقتصاديا على الرجل في أغلب الأحيان، وطبيعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعرف النمو بسبب عمليات التفاعل، بل تتطور في ظل عوامل خارجية.
وكذلك مقاومة الرجل ورفضه لكل ما من شأنه أن يؤدي إلى ضياع الامتيازات التي يتمتع بها على المستوى الشخصي، أو في مجال الأسرة والنظام الاجتماعي العام، وفي سبيل ذلك استعمل الرجل العادات والتقاليد والمعطيات الدينية كمرتكزات أساسية لرفض هذا التقدم، وتبقى المرأة مسلوبة وسط الجماعة، بالإضافة إلى أنها توصف بالضعف وباقي الصفات السلبية التي صبها عليها التراث الثقافي العربي.
فمثلا نجد (العقاد) يصف المرأة بالضعف والقهر والخيانة والشر ونقص العقل والقصور عن الحكم على الأشياء بموضوعية، ولكن بالرغم من هذه الظروف المجحفة التي كانت تحيط بالمرأة فإنه كان يظهر من وقت إلى آخر من يعترف بأهميتها كإنسان، مثل المفكر العربي (ابن رشد) الذي أورد خطابا في هذا الصدد حيث قال: "إن حالتنا الاجتماعية تتطلب ألا نطيح بكل ما يعود علينا بمنافع المرأة، فهي في الظاهر صالحة للحمل والحضانة فقط، وما ذلك إلا لأن حالة العبودية التي أنشأناها على نسائنا، أتلفت مواهبهن العظيمة وقضت على مواهبهن العقلية، فحياة النساء تنقضي كما تنقضي النباتات فهن عالة على أزواجهن، وقد كان ذلك سببا في شقاء المدن وهلاكها"، ومن هنا يتبن بأن (ابن رشد) يرى بأن فقر عصره وشقائه يرجع إلى كون الرجل يمسك المرأة لنفسه، بدلا من المشاركة في إنتاج الثروة المادية والفكرية، وهذا يوضح أن المرأة المسلمة وحتى يومنا هذا تعيش تناقضات إشكالها الوجودي، فهي عندما تلمس وترا محررا لقضية من قضاياها التاريخية الكبرى، تواجه عقبات وحواجز اجتماعية، بل أن حتى المرأة الناجحة في ميدان من الميادين يقوم نجاحها تقويما بعيدا عن الواقع .
ورغم أن المرأة العربية حصلت على نصيبها من التقدم في المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، في بعض البلدان العربية، لكن هذا التقدم لم يغير من نظرة المجتمع إليها، فخروج المرأة من حياة الانعزال ودخولها للمؤسسات التعليمية، والمهنية لم يغير من صفتها أو نظرة المجتمع إليها ككائن ضعيف قاصر وظيفتها الأمومة، والتبعية، وهذا ما جعلها قاصرة عن مجابهة تحديات التغير والاستمرار، وتستسلم لما فرضه المجتمع عليها.
إن الإسلام أأعطى للمرأة كامل الاعتبار والصلاحية مثلها مثل الرجل، وإذا كان التاريخ قد سجل لها مواقف شريفة ومساهمات فعالة، فإن صفتها داخل المجتمع تتأرجح بشكل أبدي بين مؤيدين ومعارضين.
إذن فإن أي مجتمع إذا أراد الرقي فلابد أن يخلق توازنا مجتمعيا تلعب فيه المرأة إلى جانب الرجل دورا طلائعيا، يمكن أن يبوئها مكانة تستحقها وتتماشى مع وظيفتها ودورها داخل المجتمع، إلا أن هذه المعركة رهينة بمدى قدرة المرأة نفسها على التحرر من مجموعة من الطابوهات التي رسمت حولها. فالنسوية الإسلامية تقوم على نصوص من القرآن الكريم ونصوص دينية أخرى، وهي ليست نتاجا مستوردا من الغرب أو من الشرق.
ولا يمكن فهم هذا المصطلح دون فهم السياق العام لوضع المرأة في العالم العربي والإسلامي الذي يختلف من دولة لأخرى، ولا أحد ينكر التطور الكبير الذي طرأ على وضع المرأة في العالم الإسلامي بشكل عام خلال الأعوام الأربعين الأخيرة، يدل على ذلك زيادة نسبة تمدرس الفتيات، وانخفاض معدلات الإنجاب، وهو ما مكن المرأة من الالتحاق بسوق العمل في الكثير من الدول المسلمة.
ماذا نقصد بالنسوي؟ وهل النسوى هو المضاد للأبوي؟ ...، وإذا كان هناك كتابة نسوية فهل هناك كتابة ذكورية؟ ...، ولأن النسوية هي توجه فكري لا علاقة له بالبيولوجي، أي بالجنس (ذكر أم أنثى)، فإن الأمر لا يعني أن كل نص صادر عن امرأة هو بالضروري نص نسوي.
لقد عانت المرأة المسلمة فترة عصور الانحطاط في ظل الاستعمار الأوروبي، وما فرضته تلك الوضعية من تجهيل وكبت لدور المرأة بحجة المحافظة على القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد، وهذه الأخيرة التي ربما كانت أحد الأسباب الرئيسية في تخلف المرأة المسلمة، وتهميشها، وكذلك الخوف الذي أصاب المجتمع المسلم من احتكاك المرأة بالمجتمع الغربي الدخيل وتأثيره عليها، وتظهر صورة المرأة العربية مبهمة ومشتتة في أغلب الأحيان، فالنظرة التقليدية للمرأة في جسدها وأنوثتها هي قدرها والتي تحدد مصيرها.
كما أن العلاقة بين الجنسين في المجتمع المسلم، تقوم على مجموعة من الركائز منها المكانة الدونية للمرأة ضمن المفاهيم السطحية للمجتمع، وجهل كل من الجنسين للآخر نتيجة سلسلة طويلة من المفاهيم الاجتماعية المتعلقة بالمحرمات وتبعية المرأة، واعتمادها اقتصاديا على الرجل في أغلب الأحيان، وطبيعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعرف النمو بسبب عمليات التفاعل، بل تتطور في ظل عوامل خارجية.
وكذلك مقاومة الرجل ورفضه لكل ما من شأنه أن يؤدي إلى ضياع الامتيازات التي يتمتع بها على المستوى الشخصي، أو في مجال الأسرة والنظام الاجتماعي العام، وفي سبيل ذلك استعمل الرجل العادات والتقاليد والمعطيات الدينية كمرتكزات أساسية لرفض هذا التقدم، وتبقى المرأة مسلوبة وسط الجماعة، بالإضافة إلى أنها توصف بالضعف وباقي الصفات السلبية التي صبها عليها التراث الثقافي العربي.
فمثلا نجد (العقاد) يصف المرأة بالضعف والقهر والخيانة والشر ونقص العقل والقصور عن الحكم على الأشياء بموضوعية، ولكن بالرغم من هذه الظروف المجحفة التي كانت تحيط بالمرأة فإنه كان يظهر من وقت إلى آخر من يعترف بأهميتها كإنسان، مثل المفكر العربي (ابن رشد) الذي أورد خطابا في هذا الصدد حيث قال: "إن حالتنا الاجتماعية تتطلب ألا نطيح بكل ما يعود علينا بمنافع المرأة، فهي في الظاهر صالحة للحمل والحضانة فقط، وما ذلك إلا لأن حالة العبودية التي أنشأناها على نسائنا، أتلفت مواهبهن العظيمة وقضت على مواهبهن العقلية، فحياة النساء تنقضي كما تنقضي النباتات فهن عالة على أزواجهن، وقد كان ذلك سببا في شقاء المدن وهلاكها"، ومن هنا يتبن بأن (ابن رشد) يرى بأن فقر عصره وشقائه يرجع إلى كون الرجل يمسك المرأة لنفسه، بدلا من المشاركة في إنتاج الثروة المادية والفكرية، وهذا يوضح أن المرأة المسلمة وحتى يومنا هذا تعيش تناقضات إشكالها الوجودي، فهي عندما تلمس وترا محررا لقضية من قضاياها التاريخية الكبرى، تواجه عقبات وحواجز اجتماعية، بل أن حتى المرأة الناجحة في ميدان من الميادين يقوم نجاحها تقويما بعيدا عن الواقع .
ورغم أن المرأة العربية حصلت على نصيبها من التقدم في المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، في بعض البلدان العربية، لكن هذا التقدم لم يغير من نظرة المجتمع إليها، فخروج المرأة من حياة الانعزال ودخولها للمؤسسات التعليمية، والمهنية لم يغير من صفتها أو نظرة المجتمع إليها ككائن ضعيف قاصر وظيفتها الأمومة، والتبعية، وهذا ما جعلها قاصرة عن مجابهة تحديات التغير والاستمرار، وتستسلم لما فرضه المجتمع عليها.
إن الإسلام أأعطى للمرأة كامل الاعتبار والصلاحية مثلها مثل الرجل، وإذا كان التاريخ قد سجل لها مواقف شريفة ومساهمات فعالة، فإن صفتها داخل المجتمع تتأرجح بشكل أبدي بين مؤيدين ومعارضين.
إذن فإن أي مجتمع إذا أراد الرقي فلابد أن يخلق توازنا مجتمعيا تلعب فيه المرأة إلى جانب الرجل دورا طلائعيا، يمكن أن يبوئها مكانة تستحقها وتتماشى مع وظيفتها ودورها داخل المجتمع، إلا أن هذه المعركة رهينة بمدى قدرة المرأة نفسها على التحرر من مجموعة من الطابوهات التي رسمت حولها. فالنسوية الإسلامية تقوم على نصوص من القرآن الكريم ونصوص دينية أخرى، وهي ليست نتاجا مستوردا من الغرب أو من الشرق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق