بقلم : د. وليد جاسم الزبيدي- العراق
كثيراً ما قرأت وأقرأ نصوصاً ودواوينَ شعرية بين آنٍ وآخر، منها المطبوع ومنها على مواقع التواصل الاجتماعي، فأجد الكثير منه مكروراً جامداً لا حياةَ فيه سوى سطور وشكل.
لكن هناك قلة وثلة من النصوص التي تستفزني وتجعلني أعيد قراءتها وارسمُ لها خارطة طريق واضعُ لها منهجاً لتشريحها، والاستمتاع بفحواها ومبناها. هكذا وجدتُ في نصوص الشاعرة العربية السورية (ميساء زيدان) غرائبيةً جديدةً تحملُ في طيّاتها طلاسمَ ولابدّ لك أن تقرأ ما بين السطور، فنصوصها لا تعطيك نفسها من قراءة واحدة ، ونصّها ليس هيكلاً أو مبنىً تتابعهُ عبرَ عمارة النّص الشكلية، سواءً كان تفعيلةً أم نثراً، وحتى العمودي منه.
كذلك لم يكن بنيوياً مسطحاً من ناحية اللغة في البناء التراكمي للجمل الأسمية والفعلية، أو في طريقة التقديم والتأخير والاستهلال والعرض، واستخدام المنصوبات والمرفوعات، وكل فنون الصّرف واللغة. فمن خلال المتابعة والبحث للشكل في النّص فقط سوف تتوهُ في نتاهةٍ لا نهاية لها، وستخسر متعة النّص، فالشكل لوحده والتنقّل في مضّان النّص ليس كافياً، واذا مادرست الأسلوبية وقمت بتشريح النّص صوتيا وصرفياً ودلالياً لوحدهِ لم يكن كافياً أيضاً، فأنت حين تقرأ النصوص عليكَ الغوص في معرفية الشاعر والولوج في أعماق النّص بل وما يحيط النّص وأيضاً بأدوات السينوغرافيا ، فهناك عوامل غير ظاهرة تؤثر في ماهية النّص وروحه، وتُمسكُ به كما هي في السينما والمسرح ، فالأنارة ستجدها حاضرة فهناك مناطق مضاءة وهناك مناطق للعتمة، كما هناك ديكورات داخلية وخارجية في النص، ومؤثرات صوتية، فتجد بين الحين والآخر، موسيقة هادئة ، وموسيقى تتناغم هرمونياً مع الحدث داخل النّص، كما تجدُ في النّص العديد من الأكسسوارات التي تستخدمها الشاعرة، في بناء نصّها الرصين، بناءً ومضموناً.
غذن لا غرابةَ اذا ما قلنا أن نص الشاعرة المبدعة (ميساء زيدان)، لم يكن نصاً مجرداً بل هو نصّ شعري بامتياز يحملُ في خافقه واحساسه أدوات الشعر وبجانبه أدوات السينما والمسرح والموسيقى،بل وتجد الفن التشكيلي يدخل في بعض نصوصها وهي ترسمُ لوحاتٍ وتلوّنها بفرشاة احساسها. نحنُ اليوم أمام تجربةٍ خطيرةٍ تستحق الوقوف عندها لأستشراق واستشراف مستقبل مشهد شعري جديد.. شكرا لهذا العطاء والألق شاعرتنا والى المزيد من الابداع فنحنُ نتابعك..
0 التعليقات:
إرسال تعليق