د.عزت الطويل يكتب: (سيكولوجية الإرهاب والرهائن)
إن من أعظم ما يهدد السلام فى الحقبة الأخيرة هى ظاهرة الإرهاب وخطف رهائن أبرياء، لقد اكتشف الإرهابيون أن الرهائن تقدم دعاية كبيرة مجانية لقضيتهم وتعطيهم احساسا بالشهادة والبطولة لأنفسهم وتدفع اتباعهم إلى تملقهم وتضفى عليهم احساسا بالشهادة والبطولة لأنفسهم، وتدفع اتباعهم إلى تملقهم وتضفى عليهم احساسا بالسلطة حيث يصبحون فى موقف قوى عند التفاوض بشأن الإفراج عن الأسرى.
أن أفضل الطرق اللازمة للتعامل مع الإرهابين الذين يمسكون بالرهائن قد أكدت لنا أن هناك عقبات تثير الكثير من الموضوعات الأخلاقية والسيكولوجية، " وقد انقسم علماء النفس السياسى فيما بينهم بشأن الطرق الواجب اتباعها لمواجهة مشكلة الرهائن عام 1985ومنها الطريقة المباشرة لمواجهة مشكلة الرهائن "الأسرى" والمحتجزين.
وتعتمد على استخدام القوة لفك أسرهم، وتكمن مساوئ هذه الطريقة فى محاذير المخاطرة بحياة هؤلاء الرهائن إما من خلال قتلهم على يد خاطفيهم أو - دون قصد من قوات الإنقاذ الذاهبة لتخليصهم - ففي معظم الحالات يكون الرهائن خاضعين لضغوط قوية لدرجة أن الإفراج عنهم بالقوة يؤدى إلى التضحية بالكثير من الأرواح.
أما الطريقة الثانية فتعتمد على سلامة الرهائن المحتجزين بأى ثمن وإذا تم اتباع هذه الطريقة فسيمكن الرضوخ لمطالب الإرهابيين إلى حد ما مع حصولهم على الدعاية والشهرة أو اطلاق سراح أقرانهم فى السجون أو بحصولهم على الأموال وهروبهم دون عقاب، وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية تؤدى إلى اطلاق سراح الرهائن، إلا أن لها بعض المساوئ الرئيسية: منها أنها تقدم نموذجا لجهات الإرهاب الأخرى لاتباع نفس الطريقة الذى قد ثبت من خلال رصوخ السلطات لمطالب الإرهابيين. ونعلم أنه من خلال دراسات علماء النفس أن الناس يتعلمون بالملاحظة أى أنهم يتعلمون من خلال ملاحظة النموذج الإرهابى الناجح الماثل أمامهم، وعلى المدى الطويل فإن مكافأة الإرهابيين بتلبية مطالبهم سيؤدى إلى زيادة معدل العمليات الإرهابية التى يقوم بها غيرهم من الإرهابيين الأخرين.
وتقوم الطريقة الثالثة على رفض التعامل مع الإرهابيين تحت أى مسمى وفى أى ظرف مهما بلغ عدد الرهائن - وهو الموقف الذى تبنته السياسة الرسمية للولايات المتحدة فى أواخر الثمانينيات" على الرغم من أن هذه السياسة لم يتم تطبيقها بشكل مؤثر فى الممارسة الواقعية" ووفقا لهذه الإستراتيجية فإن الإرهابيين الذين تتجاهل السلطات الحكومية تلبية مطالبهم يمثلون نموذجا لغيرهم من الإرهابيين يدفعهم إلى عدم اللجوء إلى هذه الطريقة مما ينتج عنه الإقلال من الأثر النموذجى للعملية الإرهابية إلى خفض نسبة ببيان فشلها فى تحقيق أهدافها مما يؤدى فى النهاية إلى خفض نسبة حدوث العمليات الإرهابية على المدى الطويل، ومن مساؤى هذه الطريقة أنها لا تعطى أى أمل لأقارب الرهائن أو موتهم على يد الإرهابيين الذى فقدوا الأمل فى تحقيق مطالبهم.
وتوجد هناك طريقة رابعة تعتمد على التفاوض بين السلطات الإرهابية مع القيام بتعميم إعلامى على هذه المفاوضات وهنا لا يتحقق للإرهابيين التغطية الإعلامية التى كانوا ينشدونها كما أنهم لا يمثلون نموذجا يحتذى به من جانب الإرهابيين الأخرين، وعلاوة على ذلك فان السلطات تصر أثناء التفاوض على إطلاق سراح الرهائن مع توجيه التهمة للارهابيين ومحاكمتهم بعد ذلك على الجرائم التى ارتكبوها، ويجب على السلطات أن تأخذ بهذا الأسلوب القائم على متابعة الإرهابيين مع محاكمتهم فى المحاكم وارسالهم إلى السجن ليكونوا عبرة للآخرين. وتكمن صعوبة هذه الطريقة فى أنها تتجاهل العديد من الحقائق السياسية المتعلقة بالإرهاب، فعلى سبيل المثال قد يواجه الرؤساء ضغوطا لا يمكن مقاومتها لعمل كل ما فى وسعهم لاطلاق الرهائن خاصة تلك الحالات التى يسمح فيها بالإتصال بالصحفيين للشكوى والمطالبة بإنقاذهم من الموت. ومن الواضح أن التعامل مع الإرهابيين قد يكون صعبا على المتفاوضين فضلا عن المشكلة المؤلمة التى يعانى منها الرهائن أثناء التفاوض.
0 التعليقات:
إرسال تعليق