.

.

محمد مختار يكتب : العسكرى الاسود بين الدرامى والروائى

محمد مختار يكتب : العسكرى الاسود بين الدرامى والروائى

عالم قليل الشخصيات فبخلاف الراوى الذى هويوسف ادريس نفسه لانجد بجواره سوى شوقى والزنفلى ونور الزوجه؛يبدا الحديث عن شوقى وابتسامته التى كانت بمثابه قناع يخفى به حقيقته.كيف وجدا نفسيهما ضمن جيل حائر بنزعات سياسيه مختلفه واراء لايربط بينها رابط ولكنهم يعتقدون ان لهم رساله واحده هم مبعوثو العنايه لانقاذ البلاد  وتغيير مصير الشعب تغييرا جذريا الى الابد يختلفون فيما بينهم ويتبادلون التهم.التعصب يرد عليه بالالحاد والفاشيه يرد عليها بالشيوعيه ولكن تجمعهم مظله السياسه
يرد فى الروايه وصفا لشوقى على لسان الراوى بانه كباعه الشراب وخالعى الاسنان فالاسواق فهو شاحب الوجه دونما سبب وهذا يجعل شاربه الغزير اكثر سوادا من حقيقته ويتعارض مع ذقنه الملساء الناعمه كالمراهقين.نحيف متوسط القامه جاد الملامح لكنك تستخف بجده لكنه زعيم من زعماء مذهبه وزعيم من زعماء الكليه حتى ذلك الحادث السياسى الرهيب بين عامى 47 و48 الذى قبض على شوقى بسببه.فانتهى شوقى وظهر شوقى اخر.تغير كثيرا فترهل ونبتت ذقنه واسمر لونه،،اكتسبت نظرته طابع اخر وصوته نبره اخرى فاصبح حديثه همسا مؤدبا خافتا كانه يتوقع ان ترفض طلبه،يتامر مؤمرات صغيره ليحظى  بعمليه فتق اكثرمنى ومن زملائه.ينافق النائب الذى لايكبره فى العمر او الوظيفه الا بعام واحد من اجل كتاب او نظره فى مجهر وشاع عنه انه يسرق كل مايصل الى يده حتى شاع قول(اذا حياك شوقى باليمين فتحسس محفظتك باليسار)
هذا بخلاف اسلوبه الوحشى فى معامله رواد مكان عمله.اى اضطراب اصاب شوقى وشخصيته لكن قد يكون ماحدث له من اعتقال وتعذيب هو العامل المهيئ لظهور تلك الشخصيه التى ثبتت على المرحله الفميه للسلوك العدوانى  حسب قول د-خالد عبد الغنى فهو لايتكلم ولكنه ادمن ان يستمع واذا سكت محدثه استثاره بسؤال جانبى او جذبه نفس من سيجاره يطفئ بدخانها ظما بلغ درجه الحريق فهو لم يعد بشريا عاديا لكنه نوع اخر دافعه للحياه الهرب والفرار ليس التكاثر او البقاء الناس بالنسبه له وحوش ضاريه يجب ان تتعامل معها دون ان يبدو عليك الذعر لانك ان صرخت او استغثت فسيدركون انك قد وقعت ويلتهموك حيا ويظهر عباس الزنفلى ،دوسيه ضخم على مكتب شوقى وهو يجرد الاشارات التليفونيه كعادته لحكمه ومصلحه ان يختار اقربهاالى بيته او عيادته ليستعمل العربه الحكوميه لاعربته الخاصه ولاالاتوبيس
دوسيه ضخم قارب المائتى صفحه يعرض حياه مضطربه تبدا بجزاءات خصومات وتكدير وتقارير تمس السلوك .انتقالات وانتدابات تنتهى بخطاب نقله الى حرس الوزراء وترقيته استثنائيا ومنحه نوط الواجب من الطبقه الثانيه تقديرا لتفانيه فى خدمه مصلحه الدوله العليا وطلبات الاجازه المرضيه وخطابات بين الحكمداريه والداخليه وقومسيون طبى المحافظه للكشف عليه تمهيدا لفصله من العمل ..حياه مضطربه غير مستقره.حياه العسكرى الاسود او عباس الزنفلى الذى بانت عليه امارات النرجسيه فعشق ذاته وتفانى فيها فقد كان الاقوى بين شباب قريته ولقوته سلطان واحتياجات لااقل من جلباب حرير ولاثه من السكروته وطقم يخطر به ساعه العصر مقتحما مجالس الرجال ليزغلل به اعين المطلقات والبنات وهى بالذات نور بنت العم واحلى البنات التى تزوج منها ولكنه لم يرزق باطفال فشغله عقمه وتحولت نظرته الى نفسه الى الدونيه وعدم الثقه بالنفس فاصبح دائم الثوره على وضعه وعلى زملائه ولكن هناك نقطه تحول فى حياته عندما راه رئيس الوزراء فاعجبه وضمه الى حرسه فايقن ان له باع طويل فالتحجر والقسوه فاهداه للبوليس السياسى وتولى تعذيب السياسين وضربهم منهم من لمجرد الضرب لهدمه ومنهم من ليحمله على الاعتراف فاقترنت عنده النرجسيه بالساديه فاخذ يستمتع باذلال الاخرين واهانتهم وشتمهم والسخريه منهم هذا بخلاف الاستمتاع بضربهم الى الدرجه التى تفقده وعيه حتى انهم قد عينوا له عسكريان ضخام الجثه لتخليص الضحيه من يده الذى لايقدر على  رد الاعتداء ويتحول الى كتله من اللحم المذعور يصرخ فى فزع.تطور عباس الى الاسوا بالذات بعد ان احالوا اللواء الذى كان يعمل معه للتقاعد فادمن الافيون وتحاشى الناس جميعا او اصطنع الكثير من المشاكل معهم حتى عندما التقى بضحيته شوقى  ثار ايضا وتحول من ثورته الى اكل للحوم البشر بدا بشوقى وثنى بزوجه وانتهى بنفسه ولم ينتهى الاوقطعه لحم مدماه من ذراعه بين اسنانه واعتقدهناان هذا ماهو الانوع من جلد الذات وعقاب لنفسه على اخطائها وليس ادل من تلك الجمله الرائعه التى ختم ادريس بها روايته على لسان احدى النساء من الجارات (لحم الناس اللى يدوقه مايسلاه يفضل يعض ان شالله ميلاقيش الا لحمه)
 اما الفيلم فوجدته عالم يختلف تماما عن الروايه اخذ صانعوه الخطوط الاساسيه للروايه وصنعوا عالم مواز يدور فيه منذ البدايه صراع بين نوعين من الافكار فكر يعتمد الجمود ويرفض التغيير وفكر يرفض الجمود ويسعى الى التغيير ايا كان مسماه.مشهد البدايه يحمل دلاله هامه على احتداد الصراع بين الفكرين عندما يقررون تعديل سياسه التعامل مع المعتقلين فيفقدوهم رجولتهم ويحولوهم من انسان الى  مسحوق بزعم انه اذا ااصبح النظام فى  خطر بسبب هؤلاء الشباب فاما النظام واما هم وتظهر شخصيه اللواء همت وهو من الشخصيات المستحدثه ويمده اللواء افكار وهو ايضا من الشخصيات المستحدثه بفكره انشاء مجموعه للهدم وهنا يظهر عباس الزنفلى كترشيح من اللواء افكار لقياده مجموعه الهدم ولكنه يظهر كحارس عادى فى السجن واعتقد ان اختيار الممثل الكبير احمد ماهر لاداء تلك الشخصيه  اختيار صائب فقياساته الجسمانيه تتشابه الى حد كبير مع عباس الزنفلى ويؤمر بتشكيل مجموعه من عشره اشخاص(مجموعه هدم(
اما شوقى الذى ادى دوره(محيى اسماعيل والذى عرف عنه اداؤه للشخصيات السيكولوجيه الصعبه لم اشعر فالبداغيه انه صاحب قضيه اوله مبدا لكنه شخص انتهازى خدع خطيبته ووالدها ليستولى على عيادته ولكن فيما بعد يظهر شوقى اخر صاحب قضيه وله مبدا لكنه يسير مستعرضا بنفسه واهميته.تتسارع الاحداث وتستغيث به نور زوجه الزنفلى لينقذ زوجها مع انه هو من ذهب اليه كقومسيون طبى المحافظه للكشف عليه تمهيدا لفصله من الخدمه.وفى السياره تدور الكاميرا بين ثلاثتهم.نور وشوقى وصديقه فى مواقف عديده .نرى فيها شوقى وهو يقاوم الزنفلى الذى صوره الفيلم يقوم بافعال جنسيه شاذه مع انه فالروايه لم يكن يقوم باكثر من ضرب المساجين السياسين اما لهدمهم او لحملهم على الاعتراف وعندما يعجز عن ان يناله يضع له الافيون الذى يسقط هو ضحيه له بعد ذلك ويتحول من انسان الى شبه انسان.وفى لحظه من لحظات تحول الكاميرا يوجه عبد الله التومرجى سؤالا لشوقى:هتشركه فيرد:هنشوف وبينما ينحدران الى اسفل يعلو همت الى اعلى فيصبح وكيلا للوزاره ولكنه يفاجئ بتعيين ثروت مكانه(هو من الشخصيات المستحدثه فى الفيلم(
مكانه وهو المعادل الرافض لكل ماكان يقوم به همت ولكنه يهبط فى بيته فزوجته ترفض تصرفاته عندما يعتقل ابراهيم لاعب التنس لشكه فى علاقه اثمه تربط بينهما وتخيره بين ان يطلق سراحه او يطلقها ولكنه يعتبر نفسه من الششخصيات المغلوبه على امرها الذى يضطر دائما الى افعاله وتصرفاته ولايختارها ا.(انا كنت بانفذ اوامر) اما لحظه اللقاء بين شوقى والزنفلى فيعلو فيها صراخ شوقى فى وجه الزنفلى بسيل من الاسئله فين كرباجك،فين جزمتك الميرى،ويستعيد الزنفلى تلك الاحداث عندما يهاجمه شوقى وتحاول زوجته الدفاع عنه ويحاول شوقى اغتصابها فيتدخل صديقه لمنعه وتهدئته وارى ان هذه الصوره اضعفت مشهد النهايه عما صوره ادريس فى روايته مع انه ينتهى بجمل عبقريه تعبر عن حال مصر فى ذلك العهد:كل زنفلى فمصر  كسر كل شوقى فمصر وكل شوقى فمصر كسر كل زنفلى فمصر واللى فاضل حلاوه الروح ؛لحم الناس اللى يدوقه مايسلاه يفضل يعض ان شالله ميلاقيش الا لحمه الطف يارب بعبيدك ،وتختتم الاحداث بالزنفلى على سريره متوفيا وزوجته ملقاه ارضا واللواء همت يراقب المشهد
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق