.

.

باحث مصري : التدريب التحويلي طريقنا الوحيد لحل مشكلة البطالة ولمواجهة تداعيات الخصخصة

د. مصطفى يسري عبد الغني

         كشف الباحث مصطفى يسري عبد الغني في دراسة له أنهاها مؤخرًا عن أن التدريب التحويلي الذي يعد ثقافة مفقودة لدينا هو الحل الوحيد لمواجهة مشكلة البطالة وتداعيات الخصخصة البغيضة ، وأكد الباحث الذي يعمل بالإضافة إلى كونه باحثًا أكاديميًا بمكتب الاتصال السياسي لوزارة التضامن الاجتماعي ، على أن آخر تقرير صادر ، عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بجمهورية مصر العربية ، إلى أن أعلى نسبة بطالة بين الشباب المصريين تكون بين الشباب ، في الفئة العمرية من 18 ـ 29 سنة ، ويشكل الحاصلون على مؤهل جامعي فأعلى من الذكور أعلى نسبة ، يليهم حملة المؤهلات المتوسطة العامة ، ثم حملة المؤهلات المتوسطة الفنية .
وتأتي نسبة البطالة بين الفتيات ليشكل قطاع الحاصلات على مؤهل جامعي أعلى نسبة يليه الحاصلات على مؤهل متوسط عام ، ثم الحاصلات على مؤهل متوسط فني .
           وإجمالي عدد الشباب من العاطلين في تلك الفئة العمرية يبلغ 19 مليون نسمة ، وفقًا لتقرير الجهاز .
ويذهب الباحث إلى أن التدريب التحويلي هو الحل النموذجي لمشكلة البطالة التي يعاني منها الكثير من فئات المجتمع وبالذات الشباب ، ونقصد بالتدريب التحولي أن ندرب أولادنا من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة على أعمال أو مهن أو حرف لا قبل لهم بها ، أي لا يعرفونها من قبل ، ولم يسبق لهم أن تدربوا عليها في دراساتهم ، و على سبيل المثال يتدرب خريجوا الحقوق والتجارة والآداب وغيرهم من خريجي الكليات والمعاهد العليا والمتوسطة ، الذين لا تجدون سوقًا للعمل ، ويظلون عاطلين دون عمل أو دور في الحياة ، مما قد يعرضهم بالطبع إلى أخطار العمل الجبري .
         إن عملية التدريب هذه يجب أن نسعى إليها ونشجعها ، وهذا دور المنظمات الأهلية ، حتى يجد شبابنا عملاً محترمًا بدلاً من وقوفهم في طابور البطالة الذي يتمدد ويزداد طوله كل شهر دون أن تعمل الجهات المسئولة على علاج المشكلة ، أو على الأقل تجفيف مصادرها .
            وعلى المنظمات الأهلية أن تعمل على تدعيم ثقافة التدريب التحولي و تعززه ، لأنها أدرى وأعرف بمشاكل الناس ومتاعبهم وهمومهم (أو يفترض ذلك ) ، وتدرك جيدًا مشكلة البطالة ومدى خطورتها على المجتمع ككل ، وما يترتب عليها من أضرار اجتماعية واقتصادية ونفسية ، إن مشكلة البطالة وزيادتها يوم بعد يوم هي أهم أسباب العمل القسري الذي يستغل فيه بعض أرباب الأعمال ، فئات المجتمع المختلفة ، وبالذات الشباب في أعمال قسرية نتيجة للظروف الاجتماعية والاقتصادية ، وهذا الاستغلال له أضرار تنعكس بالسلب على البناء الاجتماعي .
التدريب التحولي نقصد به أن تأخذ المنظمات الأهلية بيد هؤلاء الشباب الذين يجلسون على المقاهي ، أو أمام النواصي ، فيقتلهم الفراغ فتنهار أخلاقهم ، أو يقعون فريسة للإدمان ، أو يتحولون إلى صيد ثمين من قبل الجماعات الظلامية المتشددة أو المتطرفة ، بالتدريب التحولي ننقذ هؤلاء الذين يضيعون زهرة أعمارهم فيما لا يجدي ولا يفيد ، بل يضرهم ويضر مجتمعهم أشد الضرر .
            يجب أن تكون عملية التدريب التحولي هذه وفقًا لخطط وبرامج واستراتيجيات وأدوات وتكتيكات ، تقوم على أساس علمي واقعي ، وليس مجرد كلام غرضه الاستهلاك المحلي ، والاستعراض الإعلامي .
لقد كشفت التقارير عن أن نصف أطفال مصر مصابون بالأنيميا ، و29 % منهم مصابون بالتقزم ، و 24 % منهم قصار القامة ، وكذلك فإن 8 ملايين مصابون بأمراض مختلفة مثل : البلهارسيا ، وأمراض الكبد ، وأمراض القلب ، والسكري ، وأمراض ضغط الدم .. إلخ .. علمًا بأن هذه الأمراض أو التشوهات تنتشر بشكل كبير نسبيًا بين الأطفال والشباب الذين يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية متدنية ، أو يمارسون أعمال خطرة أو غير آمنة .
          كما أن بمصر أكثر من 60 % من السكان تحت خط الفقر ، وحوالي 90 % من سكان مصر بوجه عام فقراء ، بينما تتركز الثروة في يد 10 % فقط لا غير منهم ، وفي مصر 1109 مناطق عشوائية ، و12 مليون مواطن بلا مأوى ، وعدد العاطلين عن العمل 19مليون عاطل ، زادت هذه النسبة 22 % بعد أحداث يناير سنة 2011 .
             وبالنسبة لموضوع الخصخصة كأحد أسباب العمل القسري فقد أثبت فشله الذر يع ، بسبب عدم دراسته جيدًا قبل تطبيقه ، حيث أنه لا يتفق مع ظروف مجتمعنا الفقير أو الذي تعود على أن ترعاه الدولة في كل شيء ، فالشركات والمصانع الخاسرة التي تم بيعها بأسعار زهيدة لبعض الرأسماليين المستغلين ، ولم يتم تطويرها أو تحويلها إلى شركات ومصانع تعود بالنفع والفائدة على المجتمع ، وعلى العاملين بها ، الذين ألقي بهم في الشوارع نتيجة خروجهم على المعاش المبكر أو إعطائهم مكافآت ضئيلة ، ولأن العاملين في هذه الشركات أو المصانع معظمهم أحيل إلى التقاعد وهو في كامل لياقته وصحته ، اضطر إلى أن يبحث عن أي عمل ، ولذلك وقع في شباك العمل الجبري بكل أضراره ، أما الذي لم يجد عملاً أو يدخل في شراك العمل القسري فقد دخل إلى طابور البطالة الذي يزداد كل يوم .
              إن الضحية الأولى للخصخصة الغاشمة غير المدروسة في مصر هم العمال ، حيث شابها العديد من مظاهر الفساد والتفريط في المال العام ، وعليه فقد تم تشريد ما يقرب من مليون ونصف مليون عامل كانوا يعملون بالقطاع العام ، ولم يتبق منهم إلا 400 ألف الآن ، ومن هنا يطالب البعض بتأميم الشركات الكبرى التي تم خصخصتها ، وإن كان ذلك سيؤدي إلى زيادة انعدام الثقة في الاقتصاد المصري من ناحية ، والمزيد من هروب الاستثمارات الأجنبية من ناحية أخرى .
           والشيء اللافت للنظر أن أكثر المتحيزين لاتجاه الخصخصة اعترفوا بفشل التجربة في مصر ، لذلك يجب تقييم تجارب هذه الشركات من الناحية الاقتصادية والمالية للتأكد مما حققته ، وكذلك مراجعة الميزانية الخاصة بها ، وهو ما سيكشف فشل الإدارة وعمليات طرد العاملين وإغلاق المصانع ، باعتبار أن هذه الجوانب السلبية تعد عذرًا قانونيًا لاستردادها .
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

1 التعليقات:

  1. الف مليون شكر --تشجعكم لشخصى المتواضع وسام اعتز به

    ردحذف