.

.

"سائق التاكسي" قصة قصيرة لـ إبراهيم شافعي



 "سائق التاكسي" قصة قصيرة لـ إبراهيم شافعي 

 
خرج يشتكي ضيق العيش ، فركب سيارته التي يعمل عليها سائقا للتاكسي ، وخرجت زوجته تودعه من بلكونة الطابق الثاني ، وتُمْلي عليه طلبات إضافية يحتاجها البيت .. فنظر اليها متأففا يضرب بيده عجلة القيادة ثم يمضي مسرعا وهو يُقَّلب عينيه يمينا وشمالا بحثا عن زبون يبدو عليه رغد العيش كي يعطية فوق ما يستحق دون تبرم أو جدال .. ثم ما لبث أن وجد بُغيته:
 رجل يبدو من هندامه أنه رجل أعمال ، يحمل في يده حقيبة دبلوماسية ، وابتسامته لا تفارق وجهه فأشار اليه فوقف متهللا:
- أتفضل ياباشا . عداد ؟
- لا لا مافيش داعي
زاد من فرح السائق واستبشاره بالراكب أنه لا يهتم بالعداد ، فكل ما يطلبه سيجده دون نقاش ..
ثم مضى في طريقه لا يتفوه بكلمة .. ثم سأله الراكب:
-  لماذا يبدو عليك الضيق يا "أسطى" ؟
-  الحياة وهمومها سعادتك
ثم يطرق السائق في التفكير
ثم يسأله مرة أخري:
-  لماذا لا تبحث عن عمل إضافي ؟
-  متى وأين ؟ وليس لي من اليوم إلا ساعات النوم
ثم يستمر الصمت دقائق حتى يقول الرجل له:
-  الحل عندي .
-  فيتهلل الرجل يافرج الله
-  هذه حقيبة بها مئة ألف . هي لك
بدأ السائق يرتبك ، النية ليست سليمة إذا ، وربما البديل مخدرات ، ثم تجرأ الرجل قليلا:
-  وما المقابل سعادتك ؟
لهجته الحادة في الرد أوْحَت إلى الرجل بما فَهِم السائق، ووجدها فرصة مناسبة للهجوم
-  وفيه أكثر من ذلك إذا أردت
نظر إليه سائق التاكسي ولم يعقب
-  المقابل زوجتك
ضغط الرجل مكابح السيارة بعنف ، وانهال سبَّا وقذفا على الرجل
- كيف تجرؤ أن تقول ما قلت ؟ ثم طرد الرجل من السيارة وقبل أن ينزل ترك له رقم تليفونه:
-  لا تتعجل وفكر في الأمر وعندما تقتنع هاتفني
لم يستطع الرجل أن يُكمل عمله وعاد من فوره إلى بيته وقد استشاط غضبا.
-  ما الذي عاد بك مبكرا ؟
نظر اليها ولم يدري ما يقول ، ومع إلحاحها لتعرف ،كشف لها الأمر
-  مئة الف جنيه تحل كل الأزمات
-  فيم تفكرين يا امرأة ؟ هل جننتِ؟
 - هي ساعة زمن أو ساعتين ولن يحدث أكثر مما تتصور ، شباب مسعور يأخد ما يريد ونأخذ نحن ما نريد ..
 فُوجئ الرجل برَّد فعل زوجته مما أربك حساباته وأخذ يقلب الأمر في رأسه ومع إلحاح زوجته وُسعارها على المادة وافق الرجل على مضض.
ثم أمسك هاتفه واتصل
-  الو
-  لقد فعلت الصواب ولن يطول الأمر عن ساعة وبعدها تأخد زوجتك وتصبحون أثرياء
-  المال أولا
-  خذ العنوان
ثم أعد السائق زوجته وأتى إلى المكان المحدد فوجد السمسار في انتظاره
-  هذه نقودك ، وبعد ساعة سوف تنزل إليك
 أخذ السائق حقيبة النقود ثم سار في الشوارع الجانبية يحسب الوقت دقيقة تلو الأخري حتى تمر الساعة ويعود وزوجته وقد ربحا مالا وفيرا يحل كل المشكلات المستعصية ولا يدري كيف سيرفع عينيه في عينيها بعد ذلك. وهل ستصبح هذه مهنته ؟  وبمن يتاجر ؟ بزوجته ؟!! أيُ عارٍ هذا ! ولكن للمال بريق وهيبة يضيع من أجلها الكرامة والإباء عند هؤلاء
-  كل هذا لايهم ، المهم هذه الحقيبة وما بها
 ومرت الساعة وانتظر نزول زوجته ، فلم تنزل ، خمسة دقائق أخري ، ربع الساعة ، نصفها ، حتى مرت الساعتين ولم تنزل.
 خرج من سيارته مندفعا إلى العمارة ثم صعد الدور الخامس وعند الشقة وجد الباب مفتوحا ، فدُهش ، ففتح الباب ودخل
 فوجد زوجته ملقاه على سرير ولا شئ في جوفها ، لقد أخذوا كل شئ ، قرنيتها وكليتيها وقلبها ، لم يكن الأمر كما تصور الرجل ، لكنه سلمّ زوجته بيده لملك الموت ، بدأ في الصراخ والعويل واتصل بالهاتف فإذا به مغلقا ، وإذا هم قد رحلوا
 ثم اتصل بالنيابة التي باشرت التحقيق وأودع الزوج المصحة النفسية وصُدرت الأموال ..

شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق