.

.

في ذكرى وفاته .. الأبنودي كأنه ما غاب


في ذكرى وفاته .. الأبنودي كأنه ما غاب

كتبت .سارة القصاص
"مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء.. هو السهل الممتنع، الذي ظن البعض - وبعض الظن إثم - أن تقليده سهل وتكراره ممكن".
هذه الكلمات التي وصف بها الكاتب الصحفي محمد توفيق، الخال عبد الرحمن الأبنودي الذي تحل اليوم ذكرى وفاته الثانية.
"الفقر القديم والمعاناة القديمة هي السبب في أن أكون عبد الرحمن الأبنودي لذلك هي أيامي الحلوة".
لم تكن حياة الأبنودي تفيض بالرغد فهو عاش حياة  صعبة والتي أثرت فيه كشاعر فيقول "نحن أبناء الطفولة الفقيرة العبقرية فإننا مدينون لفقرها بهذا الثراء الكبير الذي تمتلىء به أرواحنا وذاكراتنا ودفاتر الماضي والحاضر ".
ففي أحد القرى النائية بمحافظة الصعيد ومن داخل عتمة الفقر كان يوم 11 إبريل  1938، موعدا لولادة أحد الشعراء الذين ينيروا طريق الشعر المصري.
وعلى الربابة كانت تغنى قصص الأمير أبو زيد الهلالي في جنوب الصعيد وخاصة في قنا التي عاش فيها اﻷبنودي ، أعجب  الصبي بجمال السيرة الهلالية ، لتكون بعد ذلك أشهر أعماله حيث جمعها كلها، ليحمي التراث الشعبي.
في بداية الستينيات، تعرف صلاح جاهين  عليه وكان أول من قدم الأبنودى للرأى العام، وكان سبباً فى هجرته  من الصعيد والانتقال إلى القاهرة، لتبدأ رحلة الخال في الشعر.
تميمة الثورات المصرية
"عاصر ثلاث ثورات، عبر عن أحاسيسه وانفعالاته وغضبه واستياءه ودعمه لابناء شعبه بالشعر"، فقصائده  كانت السلاح الذي واجه به الفساد، ووقف من خلاله أمام الطغاة".. ليبقى ملحمة شعرية خالدة .
البداية كانت مع ثورة يوليو، عندما تولى عبد الناصر الحكم حيث كان يراه "الأبنودي" أعظم زعيم مر في تاريخ مصر، وخاصة وانه استطاع استعادة مكانة مصر بين الدول.
ومدح الأبنودي الزعيم عبدالناصر، قائلًا
"حاكم.. يِدادى الجميع.. ويبوسْ رقيق الحال،وده عِشْقِتُه: فلاحين، طلَبة، جنود،عُمّال،وخاض معارك جِسام، مين طلّع الاحتلال؟مين اللى صحَّى الشعوب تكسَّر الأغلال؟،ويْبُخُّوا أكاذيب فى سيرتُه يسمِّموا الأجيال

وبالرغم من تعرض "الأبنودي" للسجن في عهد جمال عبد الناصر، إلا أنه تربطه بالزعيم الراحل محبة وثقة كبيرة، وقال عن تجربة السجن: "عند اعتقالنا لم توجه لنا تهمة، وفترة الاعتقال كانت جميلة، ولو كنا نعلم بحلاوتها لطلبنا الاعتقال بأنفسنا".
وفي عهد السادات، لم تشهد البلاد أي ثورات، لكن مرت مصر بالعديد من الأحداث المؤثرة، تلك الأحداث التي جعلت العلاقة بين الأبنودي والسادات متوترة، إلى أن جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتزيد من حدة الخلافات، ليقف الأبنودي في عيد الطلاب، فبراير 1981، ويلقي قصيدته الشهيرة "المد والجزر"، والتي تنبأ بها بمقتل السادات.
بقصيدة "المشروع والممنوع" تنبأ بفيضان 25 يناير، لتتجه فجأة أنظار العالم إلى ميدان التحرير، قلب انتفاضة المصريين حيث خرج الجميع ليعبر عن سخطه مما وصل له حال البلاد، ومع ارتفاع أصوات الثوار تطالب برحيل النظام، ليخرج معهم الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ببيانه الشعري الأول بعنوان "الميدان" مطالبًا برحيل دولة العواجيز.
"
أيادي مصرية سمرا لا ليها في التمييز،ممددة وسط الزئير بتكسر البراويز،سطوع لصوت الجموع شوف مصر تحت الشمس،آن الآوان ترحلي يا دولة العواجيز،عواجيز شداد مسعورين اكلوا بلدنا اكل،ويشبهوا بعضهم نهم وخسة وشكل،طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع،وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل،أن ترحلي يا دولة العواجيز."

صوت كل أغنية
تعاون الأبنودي مع كبار الفنانين، وكتب لهم أغاني حققت شهرة واسعة حينها، ولا تزال باقية حتى اليوم لتدل على إبداع "الخال" الباقي عبر الزمان.
وتغنى بأشعار الأبنودي الفنان عبد الحليم حافظ، وقدم العديد من الأغاني منها: أنا كل ما أقول التوبة، الهوى هوايا".
وبكل رقة ودلع غنت شادية من أشعار الخال"آه يا اسمراني اللون، قالى الوداع، أغانى فيلم شيء من الخوف". وغنت صياح "ساعات ساعات".
كما أطربنا الفنان الشعبي محمد رشدي بكلماته  عندما غنى "تحت الشجر يا وهيبة، عدوية"، وبأشعاره تغنى الكينج محمد منير "شوكولاتة، كل الحاجات بتفكرني، من حبك مش بريء، برة الشبابيك، الليلة ديا، يونس، وعزيزة".

الموت
كان الأبنود خايف يموت قبل ما يشوف تغيير الوشوش،  ولكن العمة منة أوصته قائلة "إذا جاك الموت يا وليدي.. موت على طول.. اللي اتخطفوا فضلوا أحباب.. صاحيين في القلب.. كإن ماحدش غاب"، وهكذا  نفذ  الأبنودي وصيتها، و ليرحل عن عالمنا في 21 إبريل 2015 

نقلاً عن موقع مصر العربية.

شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق