حمدي عمارة يكتب: صبرا آل مصر .. ولكن !
بعد نكسة 67 كما يُطلق عليها ، وتنحى عبد الناصر بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وصاحب قرار الحرب ، وأعلن عودته إلى صفوف المواطنين . وأعاده الشعب ثانية إلى مقعد الرئاسة . وإنى لأتساءل : كيف يتنحى مسئول هو نفسه صاحب القرار ؟! إلا أن كان هناك أسبابا أخرى .. ولكن لأن الشعب أحبّ عبد الناصر: مفجّر ثورة 23 يوليو ، وصاحب مشروعات ومصانع وانجازات لا حصر لها ؛ فى مقدمتها : تحويل نظام الحكم من ملكى إلى جمهورى وتأميم قناة السويس . وأبرزها : تحديد ملكية الأرض الزراعية ، وبناء السد العالى .. وغيرها . وإن حوى بعضها شوائب تبدّت فيما بعد ؛ إلا أنها ستظل شاهدة على وفاء عبد الناصر وحبه لوطنه وأمتة العربية . وكان من الممكن تدارك العيوب وإصلاحها ؛ فلم تأت القوانين من السماء ولكنها من صنع البشر ، والبشر دوما يُخطئون .. لكنها تـُركت فاتسعت رقعة العيوب ، وأصبح من الصعب لمّها : على سبيل المثال : قوانين الإيجار الأبدية غير العادلة.. وما تخلفه من مشاكل اجتماعية ونفسية وكراهية متوارثة بين المالك والمؤجر .. لا معنى لذلك القانون الجائر ، وليُنتزع من جذوره.. والحل يعوزه الجرأة والقلب الميت كما يقولون ، وأعلم يقينا أن بمجلس الشعب نواب على هذه الشاكلة .. ومثال آخر بشأن السد العالى مفخرة عبد الناصر : كان من المفروض أن يلحق بالسد " روّابات " ، تذيب الطمى ؛ فلا يتراكم أمام السد ويسرى فى المياه؛ لاستعادة الأراضى الزراعية خصوبتها ، وبالتالى مضاعفة إنتاجها من المحاصيل وغيرها .. والقرار فى حوزة الوزارات المعنية ومتابعة نواب الشعب.. بعد النكسة لم ينم عبد الناصر وراح يصحح المسار، فسرعان ما أعاد تسليح الجيش.. ثم انطلقت حرب الاستنزاف أو حرب الألف يوم كما أطلق عليها قادة إسرائيل ، واستمرت ما بين مارس 1968 حتى 8 أغسطس 1970 ، والتى أكدت تواجد الجيش المصرى ، كما مهّدت للثأر فى حرب أكتوبر المجيدة 1973 .. ست سنوات عجاف أمضاها الشعب المصرى .. صبر ولم يضجّ ، ربط كل حَجَرا فوق بطنه .. لم يتظاهر ، ولم يطلق صرخات الاستغاثة.. وقف الجميع وقفة رجل واحد.. تعاونوا فيما بينهم أقباط ومسلمون . ما أشبه اليوم بالبارحة ، والله إن موقف الشعب المصرى ليذكرنى بالسبع العجاف أيام يوسف عليه السلام .. صبر المصريون على القحط الذى أصاب البلاد تلك السبع ، ثم جاء الفرج .. وأمضوْا عاما تدفق فيه الخير والرخاء.. ويذكرنى أيضا بموقف المهاجرين والأنصار فى بعثة هجرة رسول الله (ص) من مكة إلى المدينة .. وكذا أيام الخليفة عمر الفاروق فى عام الرّمادة.. أمضته القبائل فى صبر وجلد ؛ حتى أتى الله بالفر.. وفيما بعد النكسة تقارب المصريون.. تعايشوا وتحابّوا يحدوهم الأمل فى تحرير سيناء الغالية.. أيضا جاء الفرج بعد الصبر.. الصبر أولا وثانيا وثالثا ، ثم يأتى الفرج : منحة الله للصابرين .. وكلنا يعلم أن مشروعات عملاقة لا حصر لها ؛ تجرى على أرض الكنانة ؛ معظمها بشأن البنية التحتية : قناة جديدة ، ومشروعات عملاقة بمحور القناة وإنشاء وإصلاح آلاف الكيلو مترات من الطرق.. وإقامة الكبارى والأنفاق والكهرباء ، واستصلاح مليون ونصف فدان ، وتعمير سيناء . وإقامة مزارع سمكية ، واكتشاف آبار .. وغيرها : العمل يجرى فيها جميعا على قدم وساق ؛ بما ينبئ بالخير الوفير لكل طوائف الشعب ..هذه المرة تختلف بالمرة ؛ فالإرهاب اللعين يحاصرنا من الخارج وفى الداخل ، والفساد يفتّ فى عضد الأمة ؛ ناهيك عن موروثات من المشاكل المزمنة ، والتجريف فى كل المجالات، والتراكمات التى لا حدّ لها .. والشائعات التى لا تتوقف والتخويف الذى لا يهدأ وحملات التشكيك التى لا تنفض.. ومع اختلاف الظروف لم يختلف الشعب الطيب الصبور .. ولكن هناك أمرا حتميا لا يحتمل التأجيل ؛ فعلى الحكومة حسم ملف الغلاء على الفور ، والعمل على تخفيف الأعباء والأحمال ، والخروج بشعبنا من نفق الاحتكار وحمايته من سعار الغلاء فى التو : ألا يستحق الشعب أن يجنى ثمار الصبر.. نحن بشر ولا ملائكة على الأرض . إننا فى انتظار عباقرة الاقتصاد ؛ بأن يسابقوا الزمن لرفع المعاناة عن كاهل الشعب . .
- تعليقات بلوجر
- تعليقات فيسبوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق