.

.

رحلة الروح في الإنسان والزمان والمكان

رحلة الروح في الإنسان والزمان والمكان


بقلم أد.ثريا لهي
  
         هي رحلة حج على نبلها وبساطة تعبيرها وقلة سطورها جاءت مشحونة بالكثير من الدلالات والإشارات، تثير الكثير من القضايا والتساؤلات وتصور "الحاج" خالد ليس شكلا وإنما تصور أعماقه فكره وثقافته وأخلاقه وعقيدته وكل العالم العميق الذي لا يظهر لنا إلا بالغوص فيه .
       هذه السطور القليلة محاولة خجولة أقصد منها تعريف القارئ بما أملته علي قراءتي لما خطت أنامله فكان أول ما استوقفني ثلاثية : الإنسان والزمان والمكان.
أبدأ بالزمان ثم المكان وأختم بالإنسان لأن الروح اكبر من الزمان والمكان والجسد.
الزمان :
تاريخ الرحلة :
أول تاريخ في الرحلة هو يوم 30 ـ يناير ـ 2004 م
هو يوم الوقوف بعرفة
يليه يوم العيد 31 ـ يناير ـ 2004 م
يصادف هذا التاريخ ـ اليوم والشهرـ ميلاد المؤلف.
  وهذه من الموافقات العوالي ـ وليسمح لي كبار علماء الحديث استعارتي للتسمية ـ .
بعد هذا التاريخ يعود بنا المؤلف إلى تاريخ سابق هو 29 ـ يونيو ـ 2003 م.
هو يوم وفاة والده ـ رحمه الله.
     فالتاريخ الأول يرتبط بخط رجعي على التاريخ الثاني لجلالة الحدث فيه: وفاة والده وفيه دلالة أن الحج ليس عن نفسه وإنما حج عن والده الذي توفي قبل أن يتمكن من إسعاده في الدنيا بإرساله للحج تحقيقا للأمنية عند الأب و عند الإبن.
      عودة في الزمان إلى عهد الرسول ص في تداعيات الذاكرة بين القديم أو الحكي الموروث عن المكان والزمان والإنسان، وهو يشاهد المعالم المكانية الآنية يرى بعين الذاكرة الأحداث القديمة الفانية عندما لمعت في ذاكرته قصة سراقة وتعقبه للنبي طلبا للحصول على نوق قريش ص 24  ـ 26 من الرحلة
بتعقب الزمان في الرحلة نجده يقرن بين:
عيد الأضحى 31ـ1 ـ 2004 م  وتاريخ سابق عليه
 29 ـ 1 ـ2004م  يوم الصعود إلى منى.
نقلة أكبر مما سبق بدلا من الانتقال من الحاضر إلى الماضي سنجد تاريخ انتقال إلى المستقبل من تاريخ:
31 ـ 1 ـ 2004 م تاريخ الحجة إلى :
4 ـ 7 ـ 2016 م ص 45  تاريخ العمرة  وكتابة الرحلة :
"وتمضي الأيام وأذهب إلى الكعبة وأتحرك في كل جنبات المسجد الحرام و أطوف  حول الكعبة على الأرض و أخرى من الدور الثاني و أخرى من الدور الثالث......الخ " ص 19.
تاريخ نهاية تدوين الرحلة :
"كتب في بلقس في 4 ـ 7 ـ 2016 الموافق 29 رمضان 1437 الساعة الرابعة صباحا"
المكان:
        أول مكان في الرحلة أغفل ذكره هو الميقات  لم يذكر مكانه  واكتفى بقوله: "بدأت الرحلة وأحرمنا من الميقات المحدد " مما يرجح أنه من مكة  وميقات إحرام أهل مكة هو بئر عائشة ، لكن أول مكان ذكره وقوف الحافلة :
"ثم استقرت مؤخرا ونزلنا من جهة باب السلام على غير اتفاق "ص 13.
       وهنا أختلف معه لأن وقوفها لم يكن كذلك، فالحافلة التي تنقل المحرمين من بئر عائشة تقف بهم في هذه المحطة لأن أي داخل للحرم خاصة أول دخوله لا يكون إلا من باب السلام وهذا هو المعروف والشائع حتى إن الحجاج المغاربة كانوا يتحرون الدخول منه طيلة وجودهم بمكة.
       يصف الأمكنة التي يمر بها حتى الوصول إلى الكعبة فيقف عندها متأملا لأنه اعتبرها :
"ذلك التعبير الرمزي عن الله تعالى " ص 14 .
        وحاول تقديم تحليل يغلب عليه الطابع الفلسفي إلى أن يقول :" فتأملت ذلك البناء ووقر في نفسي ذلك المعنى " التعبير الرمزي عن الله " ص15 .
        لا أتفق معه في هذا الكلام، فقد تعددت أقوال العلماء والشراح والمؤرخين للحديث عن الكعبة لكن مرجعيتي أنا شخصيا هي القرآن  في آيات:
  سورة آل عمران الآية 96 : "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين " سورة الحج الآية 26 و29".
"وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود" الآية 26.
" ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق " الآية 29.
عندما أمرالله سبحانه سيدنا إبراهيم بحمل أسرته والتوجه إلى حيث أمره:
سورة البقرة الآية 127 :
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "
      ووقف سيدنا إبراهيم حيث وقف كل هذا بوحي من الله وقال دعاءه الشهير "ربي إني أنزلت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم " وهذا البيت كان مكانه موجودا قبل بناء سيدنا إبراهيم الكعبة فيما بعد وقيل عن البيت المحرم هذا أنه في هذه النقطة بالذات مركز العالم الذي خلقه رب العباد يقع أسفل البيت المعمور في السماوات العلا والذي قيل عنه يدخله كل يوم ويخرج منه سبعون ألف ملك يطوفون بالعرش إلى يوم يبعثون. وتحدث عنه في ( ص 21) :
"والكعبة في مكان سحيق من الكرة الأرضية"
وفي القرآن الكريم : "وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود" الآية 26. وفي آية بناء الكعبة 127 من البقرة "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل" والبلاغة كلها في التعبير القرآني فإبراهيم رفع البناء من البيت ولم يرفعه للبيت والتعبير بحرف الجر "من" للدلالة على ما قبلها لما بعدها، بينما لام على ما بعدها فقط، ووقوف سيدنا إبراهيم بهذا المكان بالضبط لم يكن اعتباطيا خاصة أنه كان واديا قاحلا لا أثر للحياة فيه، لكن كان ممرا تمر منه قوافل التجار في الغدو والرواح ولا أحد يقيم فيه لأنه خال من أي نوع من أنواع الحياة،  لكن تحته السر الإلهي وهو بئر زمزم لذلك يطوف به الخلق لرمزية الكعبة للبيت المعمور وليس للذات الإلهية  التي هي
فوق كل رمز وفوق كل شيء  والله أعلم.
       شغلت الأمكنة حيزا من تفكير المؤلف فأفاض الحديث عن الكعبة واتساع ما حولها وعن الحجر الأسود وعن بئر زمزم واكتفى في الحديث عنها على مارآه بالعين المجردة  ساعة وجوده في الحرم  وعلى هذا أصدر أحكاما جانبت الواقع من هذا قوله في ص 22 : "وعندما ذهبت للوضوء من بئر زمزم لاحظت أن مصدر الماء بعيد عن جبل المروة وليس في موضع الجبل و تأكدت من أن الماء الحالي للبئر مستخرج بطرق آلية ليصل في صنابير للمياه وأن البئر الحقيقي قد جفت مرات عديدة في التاريخ". 
       ما رآه الحاج ووصفه وأصدر الحكم عليه لم يكن بئر زمزم الحقيقية لأن البئر الأولى التي تفجرت لإسماعيل وهاجر كانت مغلقة عن الحجاج من أجل الصيانة والتجديد فحولت مياه زمزم في صنابير إلى الجانب الأيمن من الكعبة في سرداب تحت المسجد كانت به حمامات للناس للوضوء, عندما انتهت أشغال الصيانة  فتحت البئر الأولى الحقيقية وقد عادت  ظاهرة للعيان رأيتها بعيني أول ما أزيل عنها ما كانت مستورة به فنزلت إليها ورأيتها وقد بدت من وراء حواجز زجاجية بلونها الأسود مزينة حوافيها بالذهب، أما ماؤها فيصل إلى أحواض صغيرة على طول مدخل البئر التي لا يفصلها عن السعي إلا خطوات الدرج المؤدي لبداية السعي.
        ويمكن أن نقف مع الحاج في حديثه عن نفس المكان ـ موضع البئر ـ والكعبة بالنسبة لما حولها من جبال ص 22 " بدأت الإجابة تتضح عندما رأيت الجبال التي تحيط  بالكعبة  من جهاتها الأربع والحكمة في تلك الجبال أنها حماية طبيعية ......".
إلى حديثه عن السيول و كيف أن مياهها تتخزن في بئر زمزم ص 23 : "ولذلك كانت البئر الحديثة ورفع المياه منها آليا وربما التحكم في كمية الماء المستخرجة " إلى أن يعقب على بركة مياهها من عدمها.
        الأمر لا يتعلق ببئر ماء عادي يحفرها الناس في أي أرض فيجدون فيها ماءا، لكن الأمر هنا يختلف، بئر زمزم كما هو متوارث موغلة في تاريخها قبل سيدنا إبراهيم وما وقوفه بها إلا بأمر الله سبحانه، يوم ترك هاجر وإسماعيل رضيعا ولم يشق هذه البئر إنسان،  إنما شقها بإذن من الخالق سبحانه جبريل، لذلك لها قدسيتها وميزة مائها إذ انبعث متفجرا إلى الأعلى وسال على سطح الأرض دفاقا، وهذا أمر لا يحدث في شق الآبار التي يحفرها الناس في جوف الأرض حتى يجدوا الماء في عمقها، لذا لهذه البئر ميزتها، وإذا اعتقد الناس في قدسيتها وبركة مائها لا يجب علينا دحض هذا المعتقد، والحديث الشريف للرسول ص عندما قال :
" زمزم لما شرب له " و(لما)، تحليلها : اللام  حرف جر لما بعدها بمعنى لأجل، و(ما) نكرة بمعنى شيء أي تعود على أي شيء يمكن لشاربه استعماله له، ومحمل الكلام هنا أي مرض أو علة، ولا علاقة لهذا المفهوم بالبركة بمعناها العام المستعمل، وأثبتت الدراسات التي أجريت على ماء هذه البئر أن لها خصائص تختلف عن خصائص المياه كلها، أهمها أنها لا تأسن، فلا يتغير لونها ولا طعمها كباقي المياه فمفهوم البركة هنا القدرة على التشافي بها من الأمراض، ومن قديم الزمان والناس يحملون ماء زمزم إلى بلدانهم في أقصى البلدان والمناطق، وهي أكبر وأقدس هدية يقدمها الحجاج لذويهم وأهاليهم، فهي أولا وأخيرا بئر شقها ملك بأمر الخالق ينبعث ماؤها من جوف الأرض إلى سطحها، عكس كل الآبار التي في الدنيا. فماؤها لا يأتي من الأمطار سواء سقطت أو جفت.
الإنسان :
       وأقصد به خالد "الحاج" بكل مكونات شخصيته الإنسانية التربوية، والثقافية الدينية، والعلمية الفلسفية:
الجانب الإنساني
       ابن بر بأبيه أراد أن يبعثه لأداء فريضة الحج لأنه بذلك يدخل السرور على قلب أبيه ولم يكن ينشد من دنياه إلا إدخال السرور عليه ( ص11) وكان موسم الحج أواخر سنة 2003 وبداية 2004 م لكن قدر الله ـ لعلة لا يدرك كنهها البشر ـ أن يتوفى الأب قبل ذلك بستة أشهر. فقرر الابن الحج عن أبيه، وتوضيح جوازه وشرعيته، به بدأ تدوين رحلته ( ص10 و11 ).
        قبيل الرحيل تزود بالعلم والمعرفة بالاطلاع على كل ما له علاقة بالموضوع، يتوخى أن يتم حجه هذا على أحسن حال، طالبا الكمال والوصول إلى درجات اليقين والصدق مع نفسه ومع خالقه، حتى يصبح بعد يوم عرفة إنسانا جديدا وصفحة نقية بيضاء، سيظهر هذا الحرص في حديثه عن الحلم الذي رآه في منامه قبيل الوقوف بعرفة (ص 26 الحلم)، والحج أبسط وأبرك مناسكنا الإسلامية، وكل ما يتعلق بها يتوقف على النية، مجرد أن ينوي المسلم الحج يقبله الله لأن المعول أولا على النية الصافية الصادقة، ويأتي بعد ذلك الحرص على أدائها كاملة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى. والله أعلم.
       استعمل الحاج حاسة الرؤية فكانت عيناه كاميرا تنقل لنا كل ما تقع عليه، رافقته في كل حركاته تسير مع الحافلة وتقف معها وتدخل مع المعتمرين تنقل لنا الطريق والمعالم وسلوك البشر وتسابقهم وتدافعهم، والكعبة وحجمها، وغير ذلك مما تقع عليه.
الجانب الديني
       يطغى على غيره وهذا أمر طبيعي فالرحلة رحلة دينية لا يراها الحاج إلا بهذا المنظار لذلك رصدت عيناه كل الأماكن والمنازل والمآثر، كما تجلى هذا الجانب في سلوكه العام وفي كل مقام كان يقف به بدءا بالدخول إلى الكعبة (ص 13 حيث جرى الناس وتسابقوا بينما التزم بالتأني في السير، وبآداب الطواف" دون التزاحم المرفوض" ص 15 ورفض "ما يقوم به البعض من التسلق على جدار الكعبة و الإمساك بكسوة الكعبة حتى يصل إلي الحجر الأسود لتقبيله أو لمسه" ص16 . الحرص على صحة الصلاة وتحري الدقة فيما كان ينهجه النبي. ص 20.  في التقصي عن القبلة، ونهر رفيقه عن أخذ حجر من جبل الرحمة.
         وتتجلى قمة تقديسه لكل ما يتعلق بالنبي ص عند زيارة قبره، فلم يجرؤ على أن يصل بنظره لرؤية قبر الرسول عليه السلام "كيف أتجسس عليه إنه في حجرته، بل كيف يحق التحملق فيه إنه نور من الله، إن الحياء في حضرته السلام فقط والنظر في الأرض وعدم لمس الباب الحديدي ـ السياج ـ قد يكون في مجاهدة للنفس الراغبة في النظر واللمس ولكنه الحياء و الأدب" ص37 .
        يتجلى هذا الجانب الديني والأخلاقي في تقصير زيارة قبر الرسول حتى يترك للآخرين فرصة ذلك ص38. وسنجده يلتزم هذا السلوك الديني في كل الزيارات من وقوفه بقبري الرفيقين أبي بكر وعمر وفي باقي الزيارات للأماكن المقدسة من مساجد ومزارات وقبور الصحابة وفي كل مكان كان يحل به.
      الاستمتاع بالروحانيات "وصعدت إلى جبل الرحمة فهنا وقف النبي وصحابته وخطبهم وفي تلك الأرض مشى وتجول يا الله أي روحانية يمكن أن توصف، إنها ذكريات تفيض معها الدموع و تهيم فيها الروح وتستحضر تلك النفحات الطيبة المباركة" ص 30.
      يتجلى السلوك الديني أيضا عنده جليا في مواقف منها: "وهاهو الباب الخلفي مفتوح بحيث يكون موضع النبي وغرفته أمامك وأردت الدخول إليه ولكن لابد وأن أقدم صدقة فبحثت عن أحد فلم أجد إلا عمال نظافة المسجد فأعطيت أحدهم صدقة " ص35 .
       وما عليه من حرج لأن الصدقة ليست مالا فقط، مفهومها أوسع وأيسرعلى كل ما تيسر له : إفشاء السلام صدقة ـ إماطة الأذى عن الناس صدقة ـ مساعدة الغير صدقة.
الجانب العلمي
       عاد إلى الكتب التي تزود منها بالمعرفة بما يجب على الحاج فعله، والمهم بالجانب العلمي هنا الذي تتجلى فيه معارفه وثقافته وعلمه وجانب معرفي يعد على علوم الدين والفقه فيه أما الجانب الآخر ثقافته من العلوم الدنيوية كالتاريخ والجغرافية والفلسفة وعلومها كمتخصص في علم النفس وتتجلى هذه الثقافة في ثنايا وصفه للرحلة فذكر الأمكنة بأسمائها، كما نجده يستذكر المواقف الجهادية في عصر الرسول ذاكرا جزئيات الرسول: حياته وآثاره وسلوكه وموضع قدمه، وإبراهيم وإسماعيل، فكانت الذاكرة تستحضر في يسر وسهولة ثقافته ومعلوماته وما رسخ في ذهنه من معلومات عن السيرة والغزوات والأماكن فيسيل بها قلمه وتمليها ذاكرته.
          تأثره بعلم النفس وبتخصصه فيه ويجلي هذا الجانب حديثه وتحليله للحلم الصفحات :27 و 28 و29
تأثره عندما تحدث عن الرمز:
رمز الكعبة لذات الله وقد تقدم الوقوف عليه عند الحديث عن الكعبة.
عند الحديث عن سبعة أشواط الطواف حول الكعبة :
"فأكثرت بذلك الطواف وكيف يتذكر المرء في تلك الرحاب الأرقام الأعداد التي ربما تكون هي أيضا رموز وليست مقصودة في ذاتها "ص17 .
       المعروف أن العدد سبعة له دلالته الدينية وتكرر في القرآن في العديد من الآيات القرآنية وكتب حول الرقم سبعة الكثير وقيل عنه الأكثر، في الحج سبعة أشواط في الطواف وفي السعي بين الصفا والمروة، ويتيسر الأمر على الحجاج بأدعية الأشواط ، لكل شوط دعاؤه وفي الشوط الأخير ينصرف لصلاة ركعتين عند مقام إبراهيم . 
        بعض الشروح تأثرت بالجانب الفلسفي كنموذج ص21 "وفي إحدى الليالي كنت أقرأ القرآن إلى أن وصلت إلى قوله تعالى (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) وهنا فهمت معنى تهوي بمعنى تنزل لأن إسماعيل وأمه قد تركهم إبراهيم هناك في هذا المكان السحيق من الأرض حيث الكعبة و الصفا والمروة. فلا بد للأفئدة أن تنزل إلى هذا المكان من المناطق المجاورة المرتفعة عن سطح (منطقة الكعبة والصفا والمروة) وكما سبق وقلنا إنها منطقة منخفضة من الأرض " ص 21 و 22 .
أولا : هوى بالألف المقصورة بمعنى سقط في الهواء أي نزل بقوة  من عل إلى أسفل وتقال للأجسام أيا كانت مضارعها يهوى أي يسقط.
ثانيا : هوي الثانية أصلها هوي بتحريك الواو والياء ولما كانا حرف علة (ويقال لها ذلك لأنها لا تقو على حمل الحركات) قالوا هوى ومضارعه يهوي بمعنى تعلق قلبه بالشيء إذا أحبه وتعلق به.
والآية الكريمة تتحدث عن الأفئدة جمع فؤاد والفؤاد القلب، والقلب لا يسقط ولا ينزل من عل إلى أسفل. المعنى المقصود فاجعل قلوب الناس تحب هذا المكان وتتعلق به.
وهذا هو عشق الناس لبيت الله الحرام للحج والعمرة. والله أعلم.
 أد.ثريا لهي
أستاذ الأدب الأندلسي بجامعة محمد الخامس – الرباط

 
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق