.

.

أد. السيد فضل في " كلمته بالمجلس الأعلى للثقافة" : ليس لدي أدنى خوف على اللغة العربية

أد. السيد فضل عميد كلية الآداب سابقاً
أيها السيدات والسادة صبحكم الله بكل الخير ..
من ألطف ما قرأت فى محبة العربية والانحياز لها ما ورد عن ابن جنى مما آمنت به وتأملته يقول : واعلم أننى على تقادم الوقت , دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع فأجد الدواعى والخوالج قوية التجاذب لى , مختلفة جهات التغول على فكرى , وذلك أننى إذا تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقة , ما يملك على جانب الفكر حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر .. وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله فقوى فى نفسى اعتقاد كونها توفيقاً من الله وأنها وحى . وكلامه يقع على جملة العربية بخصائصها شعرا ونثرا . تللك هي العربية الشاعرة عند العقاد والجميلة عند فاروق شوشة غير أنني لا أخفى على حضراتكم أننى أتردد قبل المشاركة بيقين يصحبه الأمل فى أى فعالية عنوانها اليوم العالمى .. أتردد خشية أن يتحول اليوم إلى طقس احتفالى يشبه احتفالنا بيوم الفلاح ويوم العمال ويوم الشجرة ويوم الحب فى غيبة وإهمال ونسيان لهؤلاء جميعا بقية العام . يداخلنى شك فى جدوى كل احتفال يمضى يومه فيكون مضيه هدفاً وفواته نسيانا وتقادم العهد به مزيدا من النسيان . أخشى أيها السيدات والسادة أن نحتفل ولا نحتفى , أخشى أن يكون اليوم مجرد ساعات من الوصل يليها شهور طوال من الهجر والنسيان . لدى قلق طبيعى على وضع العربية بين أهلها لا أستطيع أن أخفيه و لكني أسارع فأقول إننى لا أشاطر من يتحول لديهم مثل هذا القلق المشروع ليصبح خوفا غير بصير على العربية .. لا خوف عندى على العربية هذه اللغة الشريفة الكريمة الشاعرة الجميلة تمتلك الكثير من وسائل الدفاع عن نفسها ومن نفسها تملك الكثير من زاد البقاء والخلود ومقارعة الزمن من حروفها وكلماتها وحركاتها .. لقد قاومت هذه اللغة تاريخا مليئاً بالمرارة سقطت أمامها عروش ودالت دول وانهزمت أحزاب وتقهقرت جيوش وبقيت شامخة .. ورثت هذه اللغة حضارات قوية متغلبة فى مصر والعراق والشام وغيرها وسحقت أمامها لغات حية وعريقة ما كان أحد يتصور زوالها وموتها استبقت رحيق هذه الحضارات وخلاصتها وتمثلت أروع ما فيها وعبرت عنها بمقدرة واقتدار . - لقد أتى على مصر حين من الدهر كان حكامها مماليك سلاطين لا يتحدثون العربية ويقاومون وجودها فى بلاط السلطة وذهب هؤلاء وبقيت هى فى بلاط السلطة وأروقة العلم ودواوين الشعراء وأوراق الكتاب وحوارى الحرافيش . - لقد أتى على مصر حين من الدهر ظن فيها المحتل الإنجليزى أن العربية تحتضر فتأهب للضربة القاضية ووضع الخطط ورمى بطعم كتابتها بحروف لاتينية كبداية وذهب الداعى مدحوراً ولعن صبيانه ممن وقعوا فى فخه وروجوا لفريته . واليوم أيها السيدات والسادة أكاد أراها تتحدث عن نفسها بغير ما ذكره شاعرنا الكبير حافظ إبراهيم ما الذي تطلبه من حماتها ورعاتها .؟ بم تحدثنا اليوم ؟
. 1- ستطلب من المجلس الأعلي للثقافة وأمينه العام جائزة رفيعة باسمها ضمن جوائز الدولة الكثيرة كثرة مزعجة ولافتة وستقترح أن ينالها من يرعاها ويستحق رضاها مذيع يحرص عليها ولا يتعثر فى أذيالها أو مذيعة برنامج إذاعى أو تلفزيونى يختص بها أو صفحة أدبية أو مسلسل أو قناة أو فريق عمل يمهد لها ويدخلها فى عصرنا . ببرمجيات متقدمة وفى ذلك فليقترح المقترحون

 . 2- ستأسي العربية لما تراه من جمود مشين فى تطوير برامج تدريس العربية لأهلها ولغير أهلها على السواء قياساً إلى برامج تدريس الانجليزية أو غيرها من اللغات الأجنبية
 . 3- ستتحدث العربية بحزن عن الوضع المتخلف لبرامج الترجمة إلى العربية فى شبكة المعلومات الدولية النت مازالت هذه الترجمة آلية أعجمية قياسا إلى تطور ملحوظ فى برامج الترجمة من العربية إلى الانجليزية . وغيرها من اللغات في أوروبا
  . 4-ستشكو العربية أهل الاختصاص والجهات المعنية أن تحويل النص العربى من ال PDF إلى الورد حتي الآن يتم بصعوبة وكلفة عالية مع سهولة ويسر وإتاحة فى تحويل النص الانجليزى ال PDFإلى الوورد
 . 5- سنرى العربية تتألم وهى تطالع صفحة الإعلان عن الوظائف وتدمع عيناها حين يشترط المعلن معرفة الإنجليزية معرفة مشروطة مبرمجة ومدققة فى الوقت الذى لا يشترط فيه معرفة العربية حتى لو كان من مقتضيات العمل إجادتها كالعمل مدرساً أو محررا أو مذيعا أو متحدثا رسميا لسلطة من السلطات من أدناها إلى أعلاها
 . 6- ستصرخ العربية بسبب الوضع المأساوى فى وسائل الإعلام والإعلان أراها تحثنا على ضرورة مقاومة شيوع أمراض لغة النت فى جيل كامل من شبابنا يفضل الكتابة العربية بحروف لاتينية عرجاء ويزيد فيصطنع المصطلحات والإشارات والرموز منها
 . 7- ستحدثك العربية عن الكتاب المدرسى فى اللغة والأدب ووضعه الكارثى صانعا للكراهية وحائلا دون محبة مشروعة للغة الهوية والفن والثقافة والوطن .. وستحدثك العربية عن امتعاضها لعدم وضعها ضمن معايير الكتاب المدرسى فى المواد جميعها ولرعاتها ولحماتها أن يراجعوا كتاب التاريخ أو الجغرافيا أو غيرهما ليروا عجبا
. 8- ستنكر العربية أقواما يظنون أن العلم بالنحو علم بها وسترضى فى هذا السياق مقالة العظيم ابن خلدون فيما دعاه بخرفشة النحاة يقول : فإن العلم بقوانين الإعراب إنما هو علم بكيفية العمل وليس هو نفس العمل .. ولذلك نجد كثيرا من جهابذة النحاة إذا سئل فى كتابة سطرين أخطأ فيها عن الصواب و أكثر من اللحن .. فلهذا كان فن تأليف الكلام منفرداً عن نظر النحوى والبيانى والعروضى
 . 9- ستشعر العربية بغيرة محمودة من لغات آخرى صنع لها أبناؤها علي الكمبيوتر مدققاً لغويا صارما فى النحو والصرف والتركيب فى غيبة شبه تامة لمدقق عربى يكون المعلم الأول للمستخدم
. 10- ستؤيد العربية بقوة دعم مطالبات مجمع اللغة العربية فى القاهرة لمنحه سلطة مراجعة اللغة فى التعليم والإعلام والإعلان هل آن أن تكون مثل هذه السلطة فى موضع التنفيذ . كيف يضيع الحق ووراءه المطالبون
 11- هل تأمل العربية فى أن ينقل المسلسل التاريخى وفيه يدور الحوار بعربية رائقة إلى فترات المشاهدة الموسمية فى رمضان بدلاً من قتلها فى فترات ما بعد العصر وقبل وبعد الفجر هل يستطيع التلفزيون المصرى أن يقاوم الربح والخسارة ويتصدى لتجار الدعاية والإعلان وبضاعتهم المتدنية التي يبتذلون فيها القيم ويهبطون فيها بلغة الحوار والكلام
 . 12- ستحدثك العربية بمرارة عن وضعها فى المدارس الدولية والجامعات الأجنبية التى يتجه إليها أبناء صفوة المجتمع و وهم قادة المستقبل حيث يتم مطاردتها والإزراء باستخدامها فمدرسها درجة ثانية والمتحدث بها غير عصرى والوزاراتان غائبتان والإشراف شكلى والاهمال سائد. تلك بعض أمانى العربية بها أو ببعضها يكون الاحتفال ويكون الاحتفاء والتكريم. أيها السيدات والسادة لا تتطلع العربية إلى تاج يعلو رأسها فرأسها التاج والغار تتطلع العربية إلى حماة محبين وحقيقيين يشدون من أذرها القوى ويمدون إلى ساعدها الشديد سواعد فتية تدفع عن رضى واستحقاق ضريبة واجبة ومستحقة لهويتنا ووطننا ومستقبلنا
 . أحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق