.

.

فنية البعثرة في رواية "دنيا جات" للروائية المغربية لطيفة حليم

الأديبة المغربية لطيفة حليم

بقلم  : الدكتورة ثريا لهي


استاذ الادب الاندلسي بجامعة محمد الخامس - الرباط - المغرب


ـــــ  قد يبدو العنوان غريبا أو بالأصح غير مألوف ، لكن قراءة النص الروائي فرضه علي فرضا
ــــ أنا أمام نص رواية يختلف عما ألفناه في هذا اللون من التأليف.
ــــ  رواية تتألف من أحد عشر فصلا وضعت المؤلفة لكل فصل عنوانا
ــــ  اختارت المؤلفة لروايتها منهجا حداثيا اعتمدت فيه طريقة سرد من نوع جديد في التراث العربي
ـــ  طريقة لا تخاطب الوجدان فقط و إنما تشحذ الفكر و تدفع للتدبر في فهم النص و البحث عن رأس الخيط الذي يربط بين الأجزاء
ـــ المؤلفة تسافر بنا في أزمنة و أمكنة و أحداث و شخصيات و أنواع من الثقافات العالمية و المحلية عن طريق بعثرتها داخل الفصول لا يربط بينها إلا حدث  أو تشابه أو تداعيات موقف
ـــ قراءة الرواية متيسرة لكل قارئ باللغة العربية
ـــ فهم الرواية و ربط أحداثها أمر عسير جدا يتطلب تفكيكها أولا ثم إعادة ترتيبها ثانيا  لعبة المكعبات أو الليكو:
لنرهذا من خلال عرض سريع لمحتوى الفصول :
الفصل الأول : من ص 5 إلـــــــــى ص 22
 حيث عن شخصية  السيدة فضول و أحداث مع شخصيات أخرى تبدو ثانوية و مكملة للشخصية الرئيسية للا فضول
تنتقل  لتقديم شخصية رئيسة ثانية هي شخصية زهور في شكل سريع عبرت به مراحل كثيرة منتقلة إلى زواجها و سفرها إلى منشيستر
تنتقل لتقديم الشخصية الأهم المحور القطب في الرواية و هي منى
نلاحظ أن هناك حلقة  مبثورة و هي الرابطة بين منى و جدتها زهور .أي أم منى
الفصل الثاني : من ص 23إلــــــى 40
ترقص فيه المؤلفة بين مرحلتين :
مرحلة الحاضر : منى و ابنتها رهام و زوجها أبو أسد أي الحاضر
    "   الماضي :  العودة إلى للا فضول وسيد العباس
    "    الحاضر  تعود إلى طفلتها رهام
     "    الماضي : للا فضول
    "    الحاضر  مع الطفلة رهام
الفصل الثالث : من ص 41 إلـــــــــــى 54
تسافر فيه المؤلفة بين الأزمنة و الأمكنة المبعثرة:
الجدة زهور وزوجها سيدي عبد الكريم   
منى الطفلة و الجدة
تقفز طفرة واحدة إلى منى الأم وإلى مكان آخر : مكة المكرمة 
عودة إلى منى الطفلة و الجدة
انتقال إلى مرحلة الشباب زواج منى
مرحلة جد متقدمة مرحلة شباب ابنها أسد
الفصل الرابع  : من ص 55 إلـــــــى 78
الكشف عن صلة الوصل المبثورة في الفصل الأول :
أم منى و زواجها من أبي منى
استرجاع بعض التفاصيل عن زواجها الأول و عودة إلى الزواج الثاني
حديث عنها و عن أطفالها وإقامتها في قرية إتزر
عودة إلى حياة للا فضول في مرحلة الهرم و فاة زوجها
انتقال من إتزر إلى مكناس
للا زهور من مكناس إلى الدار البيضاء
منى الزوجة و أختها فدوى في الصخيرات
العودة إلى الأم عرض جوانب من حياتها
عودة إلى الأخت و إلى الشاطئ
تنتقل إلى مرحلة سابقة مرحلة الصبا وطلب العلم ( أحداث اقتحام الشرطة للحي الجامعي بظهر المهراز )
طفولة منى والحديث عن أمها و بعض ممارساتها
إنتقال إلى للا زهور و إقامتها في الدار البيضاء
الفصل الخامس : من ص 79 إلـــــى 94
ظواهر اجتماعية :
للا زهور و الحفيد أمين فرحة الأسرة بميلاد الصبي التمييز الجنسي
منى الطفلة و الظاهرة الاجتماعية ( العرس الصبوحي)
جوانب من طفولة منى
أم منى و جزء من ذكرياتها الزوجية وحوارها مع زوج أخيها
منى وجانب من عوالمها 
أمها و زوج أخيها
رصد بعض التغييرات الحاصلة في المجتمع : اللباس ، الحجاب ، حرية المرأة ، التأثير الغربي على المجتمع المغربي
الفصل السادس : من ص 95 إلــــــــــــــــــى ص 130
ذكريات منى الطفلة مع الراهب الأب دانيال المكان مكناس
    "       " في مراحل التعليم الأولى
عودة إلى الأم
ذكريات منى الزوجة في باريس سنة 1979
الطفلة منى مع لوبير المكان إتزر و الزمان العطلة الصيفية
خروج من الذاتية للحديث عن شخصيات أخرى شخصيات مكملة : رضا و أمين و المكان مكناس
ذكريات منى مع والدها و شخصيته المكان إتزر
عودة إلى رضا و اختراعاته و نائلة الأخت و حبيب الخال
علاقات بين الشباب تصفها المؤلفة وتستغلها في تداعي المواقف فتقفز من طفولتها إلى طفولة أبنائها بين أسد و رهام ( القبلة في المسبح )
الفصل السابع : من ص 131 إلــــــــــــــــــى 160
المكان إتزر الشخصيات :العمة كنزة الزعيم المنفي، حمدة شخصية معتمة
الزمان :  فترة الاستعمار وجوانب من الحركة الوطنية
زيارة منى لعمتها ذكريات تقفز بالبطلة إلى ذكريات أحرى
المكان كندا جامعة لافال كيبك
الزمان 1997 الشخصيات مختلفة
عودة إلى الزعيم المنفي و الحركة الوطنية
البرلمان سنة 1963
عودة إلى الأب و وفاته و الأم ووفاتها، وفاة العمة كنزة و العم عبده قبلها
الانتقال إلى منى و ولادة آية بفاس
الفصل الثامن : من ص 161 إلـــــــــــــــــى ص 171
الرجوع إلى شخصيات الفصل الأول للا فضول وسيد العباس عن طريق ذكريات رقوش و حكاياتها لحفيدتها إحسان



ظهور منى مع صديقتها إحسان ــ أحلامها ــ استعادة لبعض الذكريات من الماضي ــ من حين لآخر تتوارد الذكريات
الفصل التاسع من ص 173 إلــــــــــــــى ص 188
 حمدة الذي ذكر عرضا في الفصل السابع شخصية الفصل علاقة نسبه بالشريف الطاهر وهو حمو منى و أب أبي أسد
جزء من طفولة أبي أسد
الربط بين للا فضول وزوج حمدة
عودة إلى ذكريات الزوج أبي أسد
تسافر عبر الأزمنة ذهابا وإيابا : تدخل  أحداثا معاصرة ( الاجتياح الأمريكي للعراق وهو زمن جد متأخر عن أزمنة الرواية )
تعود إلى مذكرات 1993 ثم مذكرات 1958
سرد لأخبار و حكايات و شخصية الخالة
الفصل العاشر : من ص 189 إلــــــــــــــــى ص 207
المفتاح
هذا الفصل لو فككنا الفصول و أردنا إعادة بناء هيكلها ، سيكون هذا الفصل هو المقدمة التي تنطلق منها المؤلفة :
بدأت بما درسته لتلامذتها عن النص الروائي
الحديث عن شخصية ( ف ــ ب ) بادئة الحركة النسوية انطلاقا من باريز
علاقتها بزوج منى
رسائل حب وعشق بين باريز و إتزر
مقابلة بين شخصية ( ف ــ ب) بين منى
مناقشة حركات تحرير المرأة
الفصل الحادي عشر من ص  209 إلــــــــــــى ص 224
يتميز هذا الفصل بوقفة تأملية مع الموت و الحياة أحيانا متفلسفة و أخرى بسيطة انطلاقا من وفاة للا زهور الجدة التي تركت بصماتها القوية ليس فقط  بالقرص على فخدها وترك علامات زرقاء عليه و إنما بالقرص على ذاكرتها وترك تعاليمها عليها

رصد الفصل أيضا بعض الظواهر الاجتماعية : الاحتفاء بالجنازة ، مظاهر الفخامة في المجتمع ،الألوان الحضارية التي سادت المجتمع .
الظواهر السياسية زوجات بعض المسؤولين و أصحاب القرار
أهم ما تختم به المؤلفة : الموازنة بين الاشتغال بالسياسة التي تدر أرباحا مادية و سلطوية و بين  الاشتغال بالعلم الذي يجعل صاحبه يطلب منحة دراسية لا يحصل عليها إلا بعد جهد جهيد
توفيت جدتها الحاجة زهور بنت الشريفة للافضول الكتانية و انتهى كل شيء
الموت نهاية

كتبت المؤلفة :
ص 51 " تهرول بين الصفا و المروة . تتعثر، تختلط الأزمنة "

ص 141 " منى متعبة تحمل هموم الماضي و الحاضر و المستقبل . تتشابك عندها الأزمنة في تداخل مخيف و يختفي المكان "

ص 142 " المكان يتوزع عندها في بقع عديدة من العالم "

ص 144 " منى لا تملك ذاتها ، هويتها متشردة متفككة متشظية . تسعى إلى امتلاك ذاتها و هويتها رغم التشرد و التشظي "

ص144 " منى لا تعرف السياسة و لا تسكنها أحلام يقظة مثل :ا " بطلة مدام بوفاري . أنها مترعة بخصب الإنسانية في كل بقع الدنيا تكتب ، لا وطن لها . تتشتت عوالمها "

ص 159 " منى خائفة تحكي عن ركام الماضي المبعثر "

توظيف الموروث الأدبي و الديني في التورية في الرواية :

القرآن :
 1 ــ صوت ماء ينزل من بين الصلب و الترائب  ص 22
الآية : 5 و6 و7 من سورة الطارق " فلينظر الإنسان مما خلق 5 . خلق من ماء دافق 6 . يخرج من بين الصلب و الترائب 7"

2ــ ما أجمل أن أمزق قميصك من دبر ص 24
الآية  25 من سورة يوسف  " واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر"
3 ــ وقطعن أيديهن دهشة كل نساء العالم ص 24
الآية 31 من س يوسف " فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن و قلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملاك كريم "
4 ــ ليس هذا من كيد النساء ص
 الآية 28 من س يوسف " قال ارجع إلى ربك فسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم "
5 ــ لأنه كان فقيها و على علم بحفيدة سيدتنا حواء التي غلقت الأبواب و لم تطلق صاحبها " ص 64 وكذلك ص 87 " ولم تستطع أن تغلق الأبواب يوما"
إشارة إلى صاحبة يوسف في الآية 24 من س يوسف " وغلقت الأبواب و قالت هيت لك "
5 ــ ويصرف عنه السوء و الفحشاء ص 87
الأية  25 من سورة يوسف " ولقد همت به و هم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه كان من عبادنا المخلصين "
6 ــ هي التي تحل العقد من لسانهن ص 123 و في نفس السياق : تشتكي بعد أن حلت العقدة من لسانها و فقهت نائلة قولها و ص 191 انحلت العقدة من لسانه فقه قولها
الآية  27 و 28 من سورة طه في دعاء سيدنا موسى " قال ربي اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي "

7 ــ لتخصف عليها قميصا أخضر و فوقية صفراء فاقع لونها ص
 الآية 22 من س الأعراف " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " وكذا الآية 121 من سورة طه 
ومن الآية 69 من س البقرة " قالوا أدع ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين "
8 ــ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين و إنا إلى ربنا لمنقلبون " ص131 هي الآية 13 من س الزخرف
9 ــ كشفت عن ساقيها ص 145
الآية 94 من س النمل " فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها
10 ــ أصبح نسيا منسيا ص 159 و ص 165 أصبح نسيا منسيا
الآية 23 من س مريم " قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "
الموروث الثقافي
يختلط فيه الموروث الثقافي العربي و الأجنبي في استحضار النصوص
بيت عنترة ص( 18 ) و شعر امرئ القيس  ( 165 )غيرهم من المحدثين
 و قصص و كتابات الغربيين ( 191)  و ذكر المؤلفات العربية القديمة(95 1)| و الحديثة العربية و الأجنبية

                  العنوان  دنيا جات

الدنيا جات  : لباس قفطان
الدنيا جات : اسم اصطرمية و نوع من الأثواب (البهجة بلغة أهل فاس )
الدنيا جات : اسم صديقتها العراقية المغتربة ص157
 مع نهاية الرواية " توفيت جدتها ........ و انتهى كل شيء " لنا أن نتساءل : أحقا : الدنيا جات أو الدنيا مشات ؟؟؟؟؟ 
شاركه على جوجل بلس

عن جريدة النداء المصرية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق