صرح "إبراهيم عيسى" في إحدى مقالاته انه سوف يحجب الحقيقة، لأنه قرر أن يبتعد عن "اللبش"!!؟ و"اللبش" كلمة صحفية لا تعرفها معاجم اللغة العربية الفصحى، ولكنها تعود إلى اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية، فاللبش هو تمام، واكتمال الشىء، ومنها "لبشة " القصب، فبعد أن ينتهى الفلاح فى صعيد مصر حصاد أعواد قصب السكر وتجميعها، تسمى كل مجموعة من العيدان "لبشة"، فاللبشة هى الكلمة التى تعبر عن تمام الحصاد، واكتماله، كما أن"اللبش" كلمة وردت فى قواميس مصطلحات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، هى الإكليل، الذى يوضع عند الانتهاء من أعمال صلاة التسابيح، وهى ماتعرف ب"الهوسة" اى التسبيحة، فكل"هوس" له "لبش"، ولكن الواقع يكشف أن "اللبش" الاعلامى ينتمى للغة المصرية القديمة، ولكنه اخذ منها معنى الفعل الخفى الغير واضح للجميع، فالشخص اللبش هو الشخص المثير للمتاعب، المجهول رد الفعل، ومنها الجو لبش اى انه منذر بالمتاعب.
فمقالات"إبراهيم عيسى" باعترافه هى من النوع اللبش، واللبش الذى قرر أن يبتعد عنه على حد قوله يعد الخطوط الحمراء التى وضعها لنفسه، واللبش الصحفى تعود جذوره إلى أشعار الهجاء فى التراث العربى، ومن اشهر شعراء اللبش الهجائى، هو الشاعر المخضرم"ابن الخياط"، كان شاعر ظريف، ولكنه ماجن خلع، خبيث الهجاء، مخضرم، من شعراء الدولة الأموية، والعباسية، لم يكن يعرف البعد عن اللبش، فقد قرر يوما أن يهجو "موسى بن طلحة بن بلال" وهو صحابى جليل، من سادات المسلمين كان يلقب بالمهدى لصلاحه، وقلة كلامه، وطول سكوته فقال عنه:
عجب الناس للعجيب المحال حاض موسى بن طلحة بن بلال
زعموه يحيض فى كل شهر ويــــرى صــفرة لكــل هـــلال
والشاعر اللبش"ابن الخياط" لم يكتف بوصف من يهجوه بأنه امرأة!! وإنما جعله يحيض، وينزل عليه الماء الأصفر كالنساء، بعد الوضع، ولكن"موسى" الورع التقى نجح فى أن يوقف هذا الفحل الاعلامى فى عصره عن هجائه، وان يتجنب شره، ولبشه، فقد حدث أن واجهه بعد أن نشر"ابن الخياط" هجائه فى الصحف، وعبر القنوات الفضائية فى عصره، وقابله وجهاً لوجه، فقال له"موسى": "يا هذا وأى شىء عليك؟ نعم حضت، وحملت، وولدت، وأرضعت"، وهنا صدم الهجائى اللبش فقال له"ابن الخياط":"أناشدك الله ألا يسمع هذا منك أحد فيجترىء على شعرى الناس، فلا يكون شيئاً" فهذا الشاعر اللبش تحول إلى حمل وديع ، بل استأنف يرجوه قائلاً:" ولن يبلغك عنى ماتنكره بعد هذا"، فتراجع"ابن الخياط" وناشده ألا يذيع هذه الفقرة فى أى قناة فضائية،أو ينشرها فى صحيفة مستقلة،أو حزبية، حتى لا يجترىء الناس على شعره، ويفقد منطقة اللبش التى يحتلها،ف"إبراهيم عيسى" يقف منتصباً بمفرده فى ساحة اللبش الاعلامى، ولم يجد من يقول له:" نعم حضت، وحملت، ووضعت، وأرضعت"
* مقال منشور فى جريدة القاهرة اكتوبر 2010م
0 التعليقات:
إرسال تعليق